Translate

الخميس، 27 أكتوبر 2011

كلام فى الهوا: كيف يكون الجاسوس الاسرائيلى ( خائبا ) وهو صديق لأس...

كلام فى الهوا: كيف يكون الجاسوس الاسرائيلى ( خائبا ) وهو صديق لأس...: هل كان الجاسوس الاسرائيلى مجرد جاسوس خائب فاشل فضح نفسه وسقط بسهوله فى يد رجال المخابرات المصريه , اذن فبماذا نفسر هذا العدد الهائل من ...

كيف يكون الجاسوس الاسرائيلى ( خائبا ) وهو صديق لأساتذة هارفارد وأكسفورد وييل ؟


هل كان الجاسوس الاسرائيلى مجرد جاسوس خائب فاشل فضح  نفسه وسقط  بسهوله فى يد  رجال المخابرات المصريه  , اذن فبماذا نفسر هذا العدد الهائل من اساتذة وخريجى ارقى جامعات العالم (هارفارد  واكسفورد وييل ) الذين يصادقونه على الفيس بوك .
من هم اصدقاؤه العرب ؟ ولماذا لم  يلفت نظرهم الهيئات والجهات والاشخاص الذين يبدو من اسمائهم وعلامات الموساد فى صفحاتهم انهم على علاقة بالعمل المخابراتى والتجسسى ؟ وماذا كان يفعل ايلاى تشايم جرابيل  فى ميدان التحرير , وفى امبابه امام الكنيسه المحترقه ؟ وما هى علاقة ما يفعله بمفهوم  حرب المعلومات الشامله الذى تتبناه امريكا فى عصر سيادة الانترنت ووسائل الاتصال ونقل المعلومات ؟



أولا كان لابد من القاء نظرة سريعة على صفحته على الفيس بوك , الجاسوس لايضع أىمعلومات شخصيه عن نفسه سوى انه درس فى جامعة (جون هوبكنز ) عام 2004 , ولايذكر التخصص الذى درسه , وأنه يعمل فى الأزهر  , ويضع " لينك "  لصفحة الأزهر فى الموسوعة المفتوحه ويكبيديا .
عدد أصدقاء ايلاى على الفيس بوك "531" صديقا بين شخص وجهه ومنظمة , يتوزعون بين الولايات المتحده والارجنتين وباكستان واستراليا .
 الملاحظه المثيره  للاهتمام ان الجاسوس الذى وصفته بعض الاقلام الصحفية فى مصر بالخائب والفاشل , والعار على مهنة الجاسوسية , صديقا لعدد كبير من جدا من أساتذة وخريجى كبرى جامعات العالم مثل (هارفارد) وييل فى الولايات المتحده , و(أكسفورد ) فى بريطانيا , غير الجامعة العبرية فى اسرائيل , وجامعات أخرى فى الأرجنتين .
من الجهات والهيئات التى يصادقها الجاسوس على الفبس بوك , والمثيرة للاهتمام والفضول , والتى يمكن ان تكون غطاءا لأنشطة للموساد ( المشروع الاسرائيلى TIP     ) , وتقول معلوماته الاساسيه المنشوره على صفحته , انه منظمة دوليه غير ربحيه ملتزمه بتوفير معلومات للصحافه وللجمهور حول اسرائيل  و وفى الوقت نفسه تعزيز للحوار والسلام , ويوفر المشروع للصحفيين وللقاده وصناع الرأى العام معلومات دقيقة حول اسرائيل , وهو غير مرتبط بأى حكومه أو هيئة .
على صفحة مشروع اسرائيل نجد أن آخر تحديث له  كان فى 3يونيه 2010 أى منذ عام ,وهو خبر عن تصريح الناطق بلسان رئيس الوزراء للاعلام  العربى عن أحداث قافلة السفن وأن المحتجين هاجموا الجنود الاسرائيليين بالمسدسات والسكاكين , واسرائيل تعرب عن أسفها لمقتل عشرة من ركاب السفينة .
بالاضافة الى موقع آخر مثير للجدل هو خط أخبار اسرائيل أو Israel news wire , والذى يضع علم اسرائيل وشعار الموسادكصورة شخصيه له.
أما صديق الجاسوس Nachshon Ozeri  فله صديق أسمه  Eliam Tal ولايضع أى بيانات أو صور  عن نفسهولكنه يضع شعار الموساد كصوره شخصيه له .
ومثل أغلب أصدقاء الجاسوس الذين لايضعون معلومات أو صور على صفحاتهم على الفيس بوك , نجد ويليام دارف  الذى لايضع أى معلومات سوى أنه يعمل فى المفوضيه اليهوديه فى امريكا الشماليه , وهو نائب الرئيس للسياسات العامه ومدير مكتب واشنطن .
بالنظر فى صفحة الجاسوس الاسرائيلى نجد أن أصدقاؤه  أصحاب الأسماء العربيه , وهم جميعا لايضعون صورا شخصيه أو  أى بيانات  يمكن من خلالها تحديد هوياتهم مما يوحى بأنهم يعلمون مع من يتعاملون , خاصة أن الكثير من أصدقائه الآخرين كما أسلفنا يضعون اسم اسرائيل  وعلمها ويكتبون أسماءهم  وبياناتهم باللغه العبريه مثل Adam Waddel  الذى يضع علم اسرائيل كصوره شخصيه له , وهو دارس للعلوم البحريه  ومقيم فى حيفا , وتخرج فى كلية  فرجينيا تخصص هندسه محيطات , ثم تخرج فى أكاديميه روبين للعلوم البحريه صيف 2010, أما أصدقاؤه العرب فمنهم من يضع أسماء مستعاره مثل من يطلق على نفسه اسم  (باحث عن الحق ), ويضع صورة أبو الهول والاهرام كصوره شخصيه له , ولكنه لايضع أى معلومات عن نفسه سوى أنه ذكر , ولا يوجد فى الصفحة سوى سؤال واحد هو ( ما رأيكم فى دراسة العلم الشرعى على الانترنت من خلال البال توك ونحوه من الوسائل ؟ )
أما آخر الأصدقاء المثيرين للجدل للجاسوس الاسرائيلى فهم linda Hardyman  المقيمه فى أطلنطا بجورجيا والتى تضع صورة شخصية  لنفسها وهى امام الاهرامات , وصديق الجاسوس معتصم غنيم لايضع أى معلومات ايضا عن نفسه ولكنه يضع  صورته امام الاهرام , اما صديق الجاسوس موسى ابراهيم فلا يضع اى بيانات سوى انه ذكر ويبدو من صورته انه خليجى , وهو نفسه صديق لخدمة عملاء مدينة الرحاب فى القاهرة الجديده .
الرجل الذى أوقعه رجال الامن القومى المصرى , والذى صوروه فى ميدان التحرير ووسط احداث امبابه , وفى المساجد وامام المزارات السياحيه  المصريه لايمكن ان يكون مغفلا او ساذجا كما حاولت ان تقول بعض اقلام الصحافه وعلى صفحات الفيس بوك , فصديق اساتذه القانون والفلسفة والعلوم البحريه  فى اكبر جامعات العالم لايمكنه ان يكون كذلك .
اذن ماذا كان يفعل ؟ ولماذا كانت صفحته على الفيس بوك ؟ وهل كان يتجسس فعلا ؟ ام ان ذلك كما حاول البعض ان يقول انه مجرد فزاعة من المجلس  العسكرى للناس بأنهم مستهدفون , او كما حاول البعض ان يلوى اعناق الحقائق ويقول ان المجلس يريد ان يقول ان الذين ثاروا فى التحرير  ثاروا بسبب تحريض  الجاسوس الاسرائيلى .
وهنا يبرز السؤال :هل تحتاج اسرائيل لارسال جواسيس لجمع معلومات من القاهره فى ظل الانفتاح معها بعد اتفاقية السلام ؟
الاكيد ان مصر هى العدو الرئيسى لدى اسرائيل , بدليل تصريحات وزير خارجيتها ليبرمان الصيف الماضى عندما امسكت قوى الامن اللبنانيه اكثر من مائة جاسوس اسرائيلى هناك , وقامت ضجة فى اسرائيل فصرح قائلا :ان لبنان جبهة صغيرة ولكن اسرائيل تولى مصر الاهتمام الاكبر وتحرص على وجود جاسوس لها فى كل قطاع فيها .
ولايجب ان ننسى انه عندما اراد رئيس "الشين بيت " الامن الداخلى الاسرائيلى ترشيح نفسه لمنصب رئيس الموساد خلفا ل(مائير داغان) , صرح امام لجنة الامن القومى فى الكنيست الاسرائيلى بان بلاده قادره على عمل اى شىء فى مصر بما فى ذلك  احداث فتنة طائفية .
فى كتابه ( الشرق الاوسط الجديد ) يقول شيمون بيريز " ان قوة العقود القادمة ستكون فى الجامعات وليست فى الثكنات ", فى اشارة واضحة لاستخدام اسرائيل لقوة العلم والمتعلمين والمعلومات فى السيطرة على شعوب المنطقة , واحدث أنواع الحرب فى عصر المعلومات , هى تلك التى تقوم على استخدام المعلومات نفسها كأسلحة فى التأثير على معتقدات الشعوب ومعارفها , لدفع الامم والافراد الى الخضوع , وذلك باتباع السلوك الذى يريده اعداؤهم , سواء بمنع أفعالهم العدائية أو استمرارهم فى السلوك المسالم .
خطورة هذا النوع من الحروب المعلوماتيه ان المهزوم لايعرف أنه هزم , أو أن حربا قد شنت عليه من الاساس .
من أجل ذلك كان الجاسوس الاسرائيلىيحرض فى ميدان التحرير ضد الجيش , ويحرض فى امبابه لاشعال فتنة طائفيه , المهم ان نعلم انه لم يكن وحده , وانه لن يكون الاخير .
                                                 طارق سعدالدين
1          تحليل اخبارى نشر فى مجلة  ( المصور ) 22 يونيو 2011

كلام فى الهوا: شكرا للعملاء على عمالتهم

كلام فى الهوا: شكرا للعملاء على عمالتهم: اشتدت حملة التخوين والاتهامات بالعماله والتمويل المشبوه ضد أفراد جماعة 6 أبريل من اكثر من اتجاه , المجلس العسكرى قالها صراحة على لسان احد...

شكرا للعملاء على عمالتهم


اشتدت حملة التخوين والاتهامات بالعماله والتمويل المشبوه ضد أفراد جماعة 6 أبريل  من اكثر من اتجاه , المجلس العسكرى قالها  صراحة على لسان احد اعضائه عندما كشف عن رحلة صربيا , التى قام بها اعضاء الحركة للتدريب بل ان شعارهم ( القبضة المفتوحة ), هو نفس شعار احدى الحركات هناك , المجلس ايضا اعطى اوامر بالبحث فى سجلات التوثيق العقارى عن ممتلكات اعضاء الحركه .
اما انصار مبارك وجماعات ( احنا آسفين يا ريس )واللجنة الالكترونيه للحزب الوطنى , فنشطواعلى الانترنت فى الرد بالسب والشتم على كل خبر ينشر فى البوابات الاكترونيه والمواقع الاخباريه عن أعضاء الحركة  كأسماء محفوظ واسراء عبد الفتاح وأحمد ماهر ومحمد عادل , غير دس اخبار كاذبه كضرب اسماء فى الاماكن التى تزورها , أو اتهامهاباقامة علاقات  وركوب سيارات فاخره, غير افلام على اليوتيوب توضح زيارات اعضاء الحركه  فى الخارج , ولقاءاتهم مع وزيرة خارجية امريكا هيلارى كلينتون والرئيس التركى عبدالله جول , مع تعليقات واتهامات بالخيانة والعماله والتمويل .
الذى لايعرفه هولاء الابناء المخلصون لمبارك , ان عملية اسقاط الديكتاتوريات اصبحت علما وخبرة انسانيه تدرس , ليمكن تطبيقها فى الدول والمجتمعات المخطوفة من قبل طغاة وانظمة فاسدة اصبح وجودهم خروجا عن حركة المجتمع الانسانى كله  , بعدما وحدت بين شعوبه وافراده وسائل الاتصال والمعلومات , كذلك نشطت جماعات مدنيه دوليه لنقل مثل هذه الخبرات  الى من يحتاجها من شعوب الارض .
الفكرة ببساطه هى ان تدرب مجموعة من الشباب المتحمس للتغيير فى بلده  على مساعدة الفئات الغاضبة فى  بلده على الخروج للتعبير عن  غضبها , من غياب العداله الاجتماعيه , وفساد القضاء , وظلم وتسلط اجهزة الامن  , وفساد النخبة الحاكمة  سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا . 
فقط على هؤلاء الشباب تشجيع الاحتجاجات الفئويه ضد الغلاء  , و الفقر وغياب الحد الادنى للاجور  , عليهم فقط فضح صور تغييب ارادة الشعب بتزوير الانتخابات البرلمانيه  , فى محاولة  لتوريث بلد بخيراته وثرواته وارضه وشعبه لأبن الرئيس .
فى البدايه سيقف مع هؤلاء الشباب عشرات  , وبتكرار الاحتجاجات  وتحولها الى ثقافة سيلتف  حولهم المئات ثم الآلآف.
وهو ما فعله شباب 6 ابريل فى احتجاجات عمال المحله  فى ابريل 2008 , وحتى الاحتجاجات على قتل خالد سعيد فى فبراير 2010 , ونهاية بقتل سيد بلال بسبب اتهامه بتفجير كنيسة القديسين  فى ديسمبر 2010 .
تراكم الخبرات فى تعامل المتظاهرين مع الامن  , واكتشاف تكتيكاته , والعمل على انهاكه وارباكه  , والاهم هو كسر حاجز الخوف عند الناس من آلة القمع الجبارة , مثل الشاب الذى وقف امام المدرعة يوم 25 يناير 2011 , كلها  عوامل تؤدى الى نزول كتلة حرجة من الناس المعترضين , الذين لايخافون  او القادرين على مواجهة الامن والصمود بأعداد تفوق قدرات  جهاز الامن  على القمع  والحركة والمناورة  , فيسقط  اقوى اذرع  نظام الديكتاتور , فيسقط الديكتاتور ونظامه هذا  ما .
ا حدث فى تونس ثم مصر  وما يحاولون تكراره فى اليمن وسوريا . وهذا هو ما حدث  قبل ذلك بعقدين عندما سقط جدار برلين  وسقط معه نظام هونيكر فى المانيا الشرقيه , وهو نفس ما فعله ليخ فاونسا فى بولندا عندما اسقط ياروزنسكى  , وبعدها  بسنوات انتقلت الخبره الى الدول المنفصله عن الاتحاد السوفيتى  فيما عرف بالثورات المخمليه فى اوكرانيا واسيتونيا , واخيرا جاء الدور على بلادنا فى الربيع العربى كأخر دول تحكمها  الديكتاتوريات فى العالم مع زيمبابوى موجابى . 
ويبقى السؤال هل هناك تدخلات من اجهزة مخابرات فى الدول الكبرى فى مثل هذه الثورات ؟
ربما تكون هناك تدخلات ولكن المهم هنا هو النتائج , فسقوط طاغية ونظام فاسد , واعطاء شعب حريته فى اختيار حكامه , وحقه فى الحياه بكرامه وعداله , كلها اهداف نبيلة , وعلى الشعوب حماية مكاسبها بحسن اختيار ممثليها , والخروج ضد كل من يحاول العبث بارادتها ومقدراتها .
فاذا كان كل العملاء يحققون بعمالتهم هذه الاهداف النبيلة فشكرا لهم على عمالتهم .
طارق سعدالدين  مجلة  ( المصور ) 27 اكتوبر 2011

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

الموساد فى فراش البرادعى


مقالى فى مجلة  ( المصور  ) 7 سبتمبر 2011 

اعلان الصحف العبريه عن محاولتين اسرائيليتين لاغتيال دز محمد البرادعى المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسه المصريه له اكثر من دلالة خطيره , 
اولاهما بالطبع هى مدى خوف اسرائيل من وصول الرجل الى سدة الحكم فى مصر , وهو الذى عرف بالوقوف ضد ارادة الاداره الامريكية فى غزعنفوان جبروتها وطغيانها , ايام الرئيس الامريكى جورج بوش وعصابته من اليمين المحافظ , والذين كانوا قد بدأوا فى تنفيذ مخططهم لضمان قرن كامل من السيادة الامريكيه على الكرة الارضية كلها . وقف الرجل وحده ضد ضغوطهم واغراءتهم لشن حرب على الغراق بحجة وجود اسلحة دمار شامل , وتنفيذ ضربة على ايران بحجة امتلاكها برنامجا نوويا عسكريا .
نفت تقارير الرجل وجود اى ادلة على كلا الزعمين , فكسب احترام العالم وتقديره , واعيد انتخابه رئيساللوكالة الدولية للطاقة الذريه رغم انف امريكا .






اذن سابق تاريخ الرجل يقول انه لو وصل الى كرسى الرئاسه المصرى لن يقبل  بالضغوط الامريكية فى ملفات العلاقات المصرية الاسرائيلية , والمصرية الفلسطينية , والتسوية المذلة التى تريدها اسرائيل للصراع العربى الاسرائيلى , لكن الدلاله الاشد خطورة فى موضوع اعلان محاولتى الاغتيال هو مدى اختراق الموساد للشخصيات والجهات والهيئات والقوى السياسية المصرية فى هذه المرحلة الانتقاليه الحرجة والتى ستحدد مصير ومستقبل مصر وشعبها لسنوات طويلة قادمة .
لقد قال وزير خارجية اسرائيل افيجدور ليبرمان فى الصيف الماضى , وقبل ثورة 25 يناير بشهور قليلة , وبعد القبض على اكثر من  مائة جاسوس اسرائيلى فى لبنان "ان لبنان جبهه ثانويه ولكن جبهتنا الرئيسيه هى مصر , والتى نحرص على وجود عميل لنا فى كل قطاع فيها " .
فاذا كانت لبنان ( 5  مليون نسمه ) كشف فيها مائه عميل فكم خميلا للموساد فى مصر ( 90  مليون نسمه ) وعندما اصبح خروج رئيس الموساد السابق مائير داجان مؤكدا وقف احد المرشحين للمنصب وهو رئيس الشين بيت مزكيا نفسه امام لجنة الامن القومى فى الكنيست قائلا "نحن قادرون على  عمل اى شئ فى مصر بما فى ذلك احداث فتنة طائفية " .
اذن مصر مخترقه من القمة للقاعده والا بماذا نفسر حصول وزير الماليه السابق يوسف بطرس غالى على الجنسية الا سرائيلية ,
الايعد هذا دليلا على جليل خدماته لدولة اسرائيل .




اما عن محاولتى اغتيال البرادعى فى ميدان التحرير اثناء نزوله اليه فى فبراير الماضى , واثناء ادلائه بصوته فى الاستفتاء بدائرة
المقطم فى  مايو الماضى  فتشير المحاولتان  الى ان الموساد مخترق لامن د. البرادعى وراصدا لتحركاته ومواعيدها  , وقادر على تنفيذ الاغتيال من خلال عملائه على الارض  , وهو ما يجعلنا نتساءل , من هم هؤلاء العملاء ؟ وما هو عددهم ؟  ولماذا هم قادرون على الوصول اليه بسهوله ؟  وهل هم من الدائرة الضيقة القريبه  جدا منه  ؟  , الحاله هنا تذكرنا بحالة ضابط الجيش اللبنانى  الذى  ,كان المساعد الاول  للعماد ميشيل عون ونائبه فى قيادة التيار الوطنى الحر     الحليف المسيحى الاكبر لحزب الله  وزعيمه حسن نصر الله , العدو الاكبر لاسرائيل فى لبنان  وفى المنطقه كلها  , كان العميد فايز كرم موضع ثقة العماد عون منذ خروجهما معا من لبنان بعد اجتياح القوات السوريه لها فى بدايات ثمانينات القرن الماضى  , واختار الاثنان باريس منفى اختيارى لهما  , وفى اعترافاته قال الرجل ان الموساد جنده قبل عشرين عاما  , كانت الصدفه فقط هى التى كشفته  عندما ىرصدت اجهزة الامن اللبنانيه  بعض ارقام تليفوناته فى محادثات مع ارقام فى اوروبا  كان بعض   صغار الجواسيس الذين وقعوا فى يدهم يتحدثون اليها ,





اجهزة الامن فى مصر مطالبة بتنشيط جهودها فى تعقب انشطة الموساد وعملائه فى مصر , خاصة بعد اكتشافنا ما سبق  للبنانيين اكتشافه وهو وجود اياد وعملاء للموساد فى مجالات الاتصالات  وشبكات المحمول  .  . البرادعى فمطلوب منه شخصيا الحرص على تأمين نفسه باستخدام الخبرات المتخصصه  , وبالتعاون مع اجهزه الامن حتى يقضى على عيون وارجل وازرع الموساد التى تحصى عليه الانفاس حتى وهو فى الفراش .

الأربعاء، 20 يوليو 2011


ج  رجال الشرطة كانوا هم الفتيل الذى اشعل ثورة 23 يولبو 1952 , فقد رفضت قوة صغيره منهم بقيادة الصاغ مصطفى رفعت تسليم مبنى محافظة الاسماعيليه الى قوة من جيش الاحتلال البريطانى , وقرروا الدفاع عن المبنى حتى آخر رجل وآخر طلقة , رغم استحالة المقارنة بين نيران بنادقهم القديمة , ونيران الدبابات التى تحاصرهم , دفع يومها رجال الشرطة المصرية ارواحهم ودماءهم , دفاعا عن كرامة بلدهم , كانت الشرطة يومها مع الناس , وفى طليعة ثورتهم على الاحتلال , وما يمثله من اذلال للكرامة الوطنيه . ما حدث فى الاسماعيليه اشعل القاهره , ورغم ان احدا لايمكنه الجزم حتى اليوم بمن حرق القاهره , الاانه من المؤكد ان (الكلوب الانجليزى) او نادى الضباط البريطانيين بشارع عدلى -مكان عمارة المقاولون العرب حاليا -قد احرقه المصريون , واحرقوا اثنين من ضباطه فى الشارع وبمساعده من افراد الشرطه , الى جانب احراق كل اماكن لهو وترفيه جنود الجيش المحتل من صالات وكباريهات . . كان حادثا  محافظة الاسماعيليه 25يناير  و حريق القاهره 26 يناير 1952  , وما تبعهما من غضب عام على الانجليز والملك مقدمات لتحرك الثوار وتقديم موعد ثورتهم من عام 1954 الى منتصف 1952 . بعد حوالى ستين عاما جاء 25 يناير بعدما اصبح عيدا للشرطه , وكان رجالها ايضا هم الفتيل الذى اشعل الثورة , هذه المره كانت الشرطه على الجانب  الآخر من الشعب , كانت رصاصاتها فى رؤوس وعيون وقلوب الثوار , كان رجال الشرطه لايشعرون انهم من الشعب , لكنهم اسياده , فلا احد يعين فى الجامعة او فى رئاسة شركة او اى مكان قيادى الا بموافقة من امن الدولة , كان النظام الفاسد قد حول وظيفة الجهاز من حماية المواطنيين من المجرمين والخارجين على القانون الى التفتيش فى ضمائر الناس ونواياهم , والتلصص غلى حجرات نومهم , واعتقال وتعذيب وقتل كل من يشتبه انه تهديد  محتمل لمشروعات التمديد والتوريث والفساد  والنهب المنظم للبلد ومقدراته ,تضخم الجهاز  وتوحش , عدد افراده تجاوز 4 مليون فرد ,ميزانيته صارت اكبر من ميزانية الجيش والتعليم والصحة والبحث العلمى ,الاحساس بالسطوة والنفوذ والافلات من العقاب , امتد من كبار القيادات الى اصغر امين شرطه ومخبر , الملازم الذى انتهك شرف وكرامة عماد الكبير اعادوه للخدمه بعد ان قضى عقوبة السجن معززا مكرما , احد اكبر المتهمين فى قضايا انتهاك حقوق الانسان والتعذيب عينوه مسئولا عن ملف حقوق الانسان مع المنظمات الدوليه ,المخبران اللذان قتلا خالد سعيد بذلت اجهزة الدوله الرسميه بداية من مصلحة الطب الشرعى  وحتى اجهزة الاعلام الجكومى جهودها لتبرئتهما  وتلويث سمعة الشاب الغيور على بلده وامنها , وحتى الضباط المتهمين بقتل الثوار لم يعزلهم من وظائفهم غير ثورة الشباب ورجوعهم للاعتصام فى ميدان التحرير . المطلوب الان اعادة صياغة الجهاز العتيد , بداية من طريقة اختيار طلبة كلية الشرطه الذين كان يتم اختيارهم بالواسطه والكوسه كأبناء كبار الضباط , والموصى عليهم من كبار الشخصيات العامه واعضاء المجالس النيابية , يجب ان يكون ضباط الشرطه ممثلين لجميع قطاعات الشعب , بقواعد  وشروط معلنه , والذى يرفض يقال له سبب الرفض , بعيد عن كشف الهيئة الذى يفتح الباب للواسطه والمحسوبيه,وان يكون قرار الرفض قابلا للطعن عليه امام لجنه محايدة تراجع شروط وقواعد القبول ,كما يجب تخفيض اعداد قوات الامن المركزى , واستبدالها بقوات لمكافحة الشغب كما يحدث فى كل دول العالم المتحضر , حيث تحافظ على المتظاهر وسلامته , كما يجب على الشرطة ان تغير قواعد الاشتباك  واستخدام السلاح , فلا يجب ان يطلق الشرطى الرصاص الا فى حالة تعرض حياته هو شخصيا للخطر , واخير يجب رفع كفاءة رجال الامن الجنائى فى البحث عن الادلة والاستقصاء , بدلا من الاستسهال وتعليق المشتبه بهم وتعذيبهم حتى يعترفوا ,  ولو كذبا تحت وطأة الالم . بعد 25 يناير كسر الناس حاجز الخوف من الشرطه , واصبحوا يقابلون اى تجاوز او عنف تجاههم بتجاوز وعنف اشد تجاه الشرطه . على وزير الداخليه ان يعيد للناس ثقتهم فى الجهاز ودوره فى حمايتهم , حتى يعود للناس الاحساس بالامان عندما يرون شرطيا عام 2011 , كما كان يحس بهة اباؤهم عام 1952 عندما كانوا يسمعون عسكرى الدوريه يصرخ فى الليل  " هاااا مين هناك  ." طارق سعدالدين  

الأربعاء، 6 يوليو 2011

ساويرس . . 7 رجاله بعد الثوره


مقال بمجلة المصور 6 يوليو 2011
ساويرس . . 7 رجاله بعد الثوره     ثلاثة تصريحات عجيبه غريبه للمهندس نجيب ساويرس فى الاسبوع الاخير تثير الدهشه والعجب من مستوى ذكاء رجل الاعمال العالمى , خريج المعهد السويسرى للتكنولوجيا المشهور بتخريج القاده, تثير التصريحات ايضا مدى ادراك ساويرس لما يفعله ويقوله وعواقبه , وهو الداعى للدوله المدنيه والليبراليه  رغم حرصه على اظهار انتماؤه الدينى فى مظهره وسلوكه , كذلك تثير تصريحاته مدى احترامه للمصريين اقباطهم قبل مسلميهم بحكم كونه عضو لجنة الحكماء قبل تخلى مبارك , واحد اهم الذين يتحدثون بعد نجاح الثوره باسمها , وكلها اشياء تتطلب منه العمل على ازالة التوتر  والاحتقان الطائفى  وليس اثارته . اول تصريحات ساويرس المثيرة للجدل اطلقه اثناء لقائه مع د.سعدالدين ابراهيم فى مركز ابن خلدون , عندما تحدى ذكاء وذاكرة المصريين القريبه , وحتى كليبات اليوتيوب التى توثق تصريحاته صوتا وصوره , وقال : "كنت معارضا لنظام مبارك , لكن كنت بعمل عيشه عند الخطوط الحمراء لنظامه ,علشان مش عايز مشاكل ". . مسألة معارضته لنظام مبارك تدعونا لسؤاله ان يفسر لنا معنى ومناسبه تصريحاته الموثقه صحفيا التى يشيد فيها بمبارك ونظامه وثقته فى ديمقراطيته , وشهادته بعبقرية احمد نظيف , واشفاقه على احمد عز للمهام الجسام التى يقوم بها ودون مساعدة من احد ,                  اما مسألة حرص ساويرس على عدم تجاوز الخطوط الحمر لنظام مبارك  ,فتجعلنا      نتذكر ان ساويرس كان واحدا من قلائل رجال الاعمال المحظوظين المقربين من مبارك الذين سمح لهم بانشاء قنوات تليفزيونية خاصة , وزاد ساويرس عن حسن راتب ود.أحمد بهجت بأن طلب تعدى خطا أحمر كان يفاخر به صفوت الشريف وزير الاعلام السابق , وهو ان القمر الصناعى المصرى (نايل سات ) لن  يحمل أى قناه  تبث مشاهد عرى أو جنس ,  ورغم ذلك حصل ساويرس على الحق الحصرى لبث افلام أجنبية على القناة التليفزيونية التى يملكها (ON TV) بدون حذف مشاهدها الجنسية  , برر ساويرس ذلك بقوله : "  انا أسعى الى مواجهة الجرعة العاليه من البرامج الدينية  على القنوات الاخرى  , وذلك بتقديم عروض  خفيفه للشباب , الى جانب الافلام الاجنبيه والعربيه ." عندما يقول ساويرس انه كان معارضا لمبارك فهو يريدنا ان ننسى انه وعائلته كونوا ثرواتهم التى وضعتهم فى مصاف اغنى أسر العالم فى عهد مبارك , واغلبها تم بصفقات مشبوهه تحتاج لاعادة التحقيق فيها  . التصريح الثانى المثير للجدل للمهندس نجيب ساويرس فكان فى نفس لقائه مع د. سعدالدين ابراهيم حيث قال : " قررت التفرغ للعمل السياسى حتى لاتنقض على الثورة بعض القوى التى لم تشارك فيها , وهو ما يبدو فى تصريحاتهم وافعالهم , وسأبذل قصارى جهدى للحيلوله دون ذلك . "  متى كان المهندس ساويرس مشاركا فى ثورة 25 يناير , ربما علينا  ان نتذكر نحن لأن المهندس نسى ,فى بداية الثوره وقف ضد الخروج على مبارك ونظامه بل ووصف الثوار بأوصاف اقل ما يصفها انها غير لائقه , ثم مع تطور الأحداث باصرار شباب الثورة على مطالبهم ورفع سقفها نتيجة عناد مبارك , ابدى ساويرس تقديره للرئيس على استجابته لمطالب الشباب  , وطالب الثوار بالعودة الى منازلهم  , وفوجئ الجميع بوجوده فى لجنة الحكماء التى طالبت الثوار بفتح ميدان التحرير وتحويله الى هايد بارك يقولوا فيه مايشاؤن ,  ومع اصدار المجلس العسكرى لقانون الاحزاب الجديد , اعلن ساويرس تأسيس حزب (المصريين الاحرار), والذى احاطه بحمله اعلاميه واعلانيه كبرى , ولأن رجل السياسه يجب ان يكون صاحب فكر ورؤيه , وهو ما يفتقده ساويرس , فقد اعلن انه سينشئ الحزب ولكنه لن يترأسه  , وكان الغريب ان حزب ساويرس الثورى يضم ابناء واقارب المسئولين السابقين فى نظام مبارك ,  وهنا تثور قضية ضرورة  وضع ضوابط للمال السياسى الذى يستخدمه رجال الاعمال لتمويل الاحزاب وانشائها , و اذا كان  القانون يحظر تلقى الاحزاب اموالا من الخارج , فهل تعتبر اموال ساويرس من الداخل ام من الخارج , خاصة والر جل يحمل الجنسيه الامريكيه ويعمل مقاولا للجيش الامريكى فى العراق وباكستان . ساويرس يقول انه رجل ليبرالى وهو ادعاء ينفيه ما نشره على حسابه الشخصى فى التويتر , عندما وضع رسما لشخصيتى ديزنى الشهيرتين ميكى ماوس ومينى , الاول يضع لحية ويرتدى جلباب والثانية ترتدى النقاب , اثارت الرسوم  بعض متابعى حسابه الذين يفوق عددهم 85 الف شخص , بعض التعليقات تجاوزت ساويرس للسخريه من الرموز المسيحية , وظهرت دعوات على الفيس بوك لمقاطعة شركات ساويرس خاصة التى تقدم خدمات المحمول والانترنت , ساويرس ازال الرسم من حسابه على التويتر , وكتب تصريحه الثالث المثير للجدل وقال : "اعتذر لمن لم يأخذ الصورة على محمل المزاح ,  انا أعتبرتها صوره مضحكه , ولم اعن بها عدم الاحترام لأى أحد , آسف ."  نسى ساويرس انه رجل مسيحى , وان انتقاده لأى مظهر اسلامى حتى ولو كان منتقدا من بعض المسلمين , لن يصب فقط فى خانة زيادة كراهية الاصوليون الاسلاميون له هو شخصيا , ولكنه سيزيد من الاحتقان الطائفى الموجود اصلا .     ان ساويرس رمز عصر مبارك والمدين له بثروته وثروة عائلته , مطالب بالكف عن التحدث لوسائل الاعلام - حتى التى يملكها كقناة (ON TV )وجريدة (المصرى اليوم) - كرمز من رموز الثورة , او كحامى لها ولثوارها , وعليه ان يعرف انه كمسيحى  يجب ان يحترم عقيدة اغلب المصريين وهى الاسلام , اما كرجل سياسة وصاحب حزب وائتلاف احزاب , فعليه ان يتعلم ضبط لسانه وتذكر ما سبق وقاله لأن ذاكرة الناس لاتنسى , وكليبات اليوتيوب لاتنمحى , واذا كان عهد ساويرس فى عمل عيشه قد انتهى , فان عهده فى عمل سبع رجاله لم يأت بعد .     طارق سعدالدين

الخميس، 16 يونيو 2011

مكرم محمد احمد شاهد عيان على ما حدث للجيش المصرى فى يونيو 1967


أرسله هيكل هناك ليدخل إسرائيل مع الجيش المصري
مكرم محمد أحمد : قال لي هيكل " ربما تكون أول صحفي مصري يدخل اسرائيل بعد هزيمتها"
الحوار مع الاستاذ مكرم محمد أحمد لا يستمد قيمته فقط من قيمة الاستاذ كأكبر محلل سياسي أو كصحفي كبير مخضرم عاش الأحداث في مطبخ «الأهرام» حيث الأستاذ هيكل أحد أركان النظام وقتها.. ولكن الاستاذ مكرم فوق ذلك أتيح له أن يكون شاهد عيان عندما أرسل إلي غزة في يوم يونيو ليكون قريبا من الأحداث وليكون أول صحفي يرافق القوات المصرية وهي تدخل إسرائيل ولكن ما حدث بالفعل هو أن الاستاذ مكرم كان شاهدا علي تفاصيل التفاصيل لما جري أيام الحرب سواء من مكانه في غزة أو في مغامرة عودته إلي القاهرة عبر مركب شراعي من ساحل غزة.


·     في السنوات القليلة التي سبقت يوليو كان هناك عداداً كبيراً من الصحفيين نفسها أهوال ما يحدث في المعتقلات علي غير الحقيقة ليخاف الناس من مناقشة السياسة والهم العام.. وما شهادتك علي هذه الفترة؟
- معظم القوي الوطنية كانت تقف مع عبد الناصر في معركته ضد الأمريكان ولتحقيق الاستقلال
الوطني وإعادة توزيع الثروة توزيعا عادلا وكانت الناس ملتفه حول الثورة وتوقف الكلام عن أنها انقلاب عسكري واصبح المؤكد انها ثورة تسعي لتغيير المجتمع وكان لها تأثير علي المستوي العربي والعالمي .
ولكن علي جانب آخر كانت هناك شواهد تؤكد أن الثقة لم تكن كاملة في النظام أذكر منها الشائعة التي سرت في بعض أوساط القاهرة أن النظام يسعي لتعقيم الصبية الصغار للسيطرة علي زيادة النسل فاندفعت الأمهات إلي سحب أولادهن من المدارس ولكن في المجمل العام تستطيع القول إن الثورة كانت تحظي بدعم غالبية أبناء الشعب.
·        وماذا عن الصحفيين والكتاب الذين كانوا في المعتقلات في هذه الفترة؟
ـ هذا الوضع انتهي بالتصالح الذي تم بين اليساريين ونظام يوليو خاصة أن اليساريين عندما خرجوا لم يسعوا إلي الاتجار بقضية السجون فكانت مقالاتهم عنها قليلة ربما بعد وفاة عبدالناصر خرجت مقالات عن فترة السجن.. وقد تسرب في  هذة الفترة كلام عما جري في المعتقلات للإخوان المسلمين كما تسرب ما حدث من معاملة سيئة في قرية كمشيش لعائلة الفقي وانحياز الثورة ممثلة في المشير عامر ورجاله إلي الفلاحين وشاهندة  مقلد في هذا الصراع.. ولكن لا أستطيع أن أقول إن هناك شرخا بين النظام وجموع  الصريين.وفي هذه الفترة كتب سيد قطب كتابه الذي كفر فيه الدولة ودعا إلي اعتزالها، والذي اصبح دستورا لكل الجماعات المتطرفة بعد ذلك.
·    في الشهور القليلة التي سبقت قيام حرب يونيو  والتداعيات التي أدت إليها بداية من أنباء الحشود الإسرائيلية علي الجبهة السورية ثم إغلاق المضايق وخروج القوات الدولية، كيف تقيم المعالجة الإعلامية لهذه الأحداث في وسائل الإعلام خاصة في جريدة الأهرام التي كنت قريبا من مطبخها؟
الأهرام عالج الوضع بشكل احتفالي ووصف عملية التعبئة وخروج القوات للحرب بأن كل شيء مهيأ للانتصار وإن لكل عسكري في سيناء أن ينهي عملية احتلال إسرائيل للأراضي العربية، لأن النصر محتم وأن الاسلحة في سيناء تسد عين الشمس .. التعبئة كانت شديدة والأهرام ساهم في هذه التعبئة ولوراجعت المنشيتات في هذه الفترة ستجد ذلك .. والحقيقة أنه لم تكن هناك نظرة فاحصة لما يجرى  داخل القوات المسلحة كما حدث في فترة يقظة الضمير التي أعقبت الهزيمة، حيث عملت القوات المسلحة تقريرين مهمين أذيع أحدهما علي نطاق واسع الذي كتبه اللواء حسن البدري وفيه نظرة نقدية لما جري في الحرب من وضع القوات علي مسرح العمليات قبل بدء العمليات، ثم بعد بدء العمليات، ولأن التقرير الأول أحدث رجة وكشف أن القوات المسلحة لاتعمل بمعدلات عمل نتقدمة، وأن اللواء الذي يشكل الاحتياطي ذهب للقتال بملابسه المدنية، والفوضي التي حدثت في حشد الاحتياطي والنقص الشديد في التسليح للقوات المتقدمة، والوضع الصعب للفرقة الرابعة المدرعة المكلفة باقتسام سيناء والنقب والدخول إلي إسرائيل .. كذلك الآثار السلبية لحرب اليمن علي القوات.. حيث انهكت القوات في حرب لا تعرف من العدو فيها وسقطوا في يد أمراء الطوائف والمتاجرين بالحرب من زعماء القبائل دون تحديد نصر حاسم ورغم كل ما حققته القوات المصرية هناك من مكاسب للمجتمع اليمني إلا أنها لم تحقق أي مكاسب عسكرية ولم تتطور أساليبها وتكتيكاتها كجيش.
مغامرة صحفية
·       كيف خططت الأهرام لتغطية الحرب؟
لم تكن الصحافة في هذه الأيام طريقا للناس يقابله طريق من الناس للقيادة .. كانت وظيفة الصحافة هي الحشد والتجميع أكثر منها وسيلة إشراك وحوار.
ولما بدا أن الحرب قادمة استدعاني الاستاذ هيكل وقال لي الحرب ستقوم وأذهب إلي غزة لتكون في موقع متقدم، وربما تكون أو من يستطيع أن يدخل إسرائيل .. وكان هناك الزميلان صلاح هلال مساعد رئيس التحرير ورئيس قسم التحقيقات والمصور انطون ألبير وقد طلب منهما السفر إلي العريش.
وذهبت إلي الشئون العامة للقوات المسلحة لاستخراج التصريح وهناك طلبوا مني التوجه إلي مخابرات العريش.. وصلت العريش في الرابعة عصرا يوم يونيو، وفي محطة القطار هناك كانت الفوضي عارمة.. أفراد من الوحدات قادمة من القاهرة بينها قوات احتياط بالجلابيب لا يعرفون وحداتهم وأماكنها .. ذهبت إلي قيادة المخابرات الحربية وقيل لي إن القائد في مهمة تلقين، وعرفت أنه يلقن مجموعة من الفدائيين المصريين الذين وظفتهم المخابرات وكانوا مجموعة أفراد لفت نظري أنهم أصحاب كروش.. أخذت التصريح وغادرت العريش إلي رفح الفلسطينية في «التجارية» وهي قطار صغير عبارة عن عربة واحدة.
ووصلت رفح المصرية.. لم أجد ما يوصلني إلي رفح الفلسطينية سوي عربة كارو، وفي المساء لم أجد أي وسيلة مواصلات إلي غزة فبت في فندق متواضع، وفي اليوم التالي وصلت إلي غزة ووصلتها يوم يونيو، وقدمت نفسي لسكرتير عام المحافظة وذهبت لزيارة الزملاء في جريدة اخبار فلسطين، وهم صحفيون لهم علاقة بأخبار اليوم، وقابلت مراسل الأهرام في غزة ونزلت في فندق الشاطيء علي شاطيء الرمال في غزة.. وصحوت صباح يونيو علي ضجة شديدة .. فقد كانت الطائرات الإسرائيلية قد عبرت إلي الأراضي المصرية وهي عائدة اسقط موقع مدافع مضادة للطائرات اسمه موقع الأزهر أحد هذه الطائرات، ذهبت جموع الناس وأنا بينهم ونزلنا في قوارب لالتقاط  طيار إسرائيلي الذي كان علي مسافة - مترا من الشاطيء وخرجت غزة كلها تصفق وتهتف أثناء عودة الطيار وعملت حوارا مع الطيار وصورته وطلب مني ضابط المخابرات علي الشاطيء الفيلم.. ورفضت اعطاءه له.
وقلت أنني سأرسل الفيلم إلي مصر.. وذهبت إلي موقف سيارات القاهرة غزة وعرفت أن الطريق تم إغلاقه وذهبت إلي مكتب البريد لعمل تلغراف بما حدث، فوجدت المكتب مغلقا وذهبت للبحث عن تليفون في أي مكان فلم أجد، وفي أخبار فلسطين وجدت الزملاء هناك وبعضهم كان يتحدث العبرية قالوا لي إن راديو إسرائيل يقول : إن القوات الإسرائيلية تتقدم بأقصي سرعة تجاه القناة. -
·       رغم أنكم في غزة ألم تروا هذه القوات أو تحسوا بها؟
الإسرائيليون سدوا الطرق الرئيسية ومضوا إلي العريش وضفة القناة .. ورحت افتش عن المسئولين في غزة الحاكم العسكري وكان يقال له المحافظ وسكرتير عام المحافظة، وإذا الجميع اختفي كما تذوب قطعة الثلج وأنا فقط وحدي في الشارع الخالي تماما.لم يكن أمامي سوي العودة للفندق.. ولم يكن به سواي ومجموعة من شيوخ الأزهر قادمون من القاهرة إلي فرع جامعة الأزهر بغزة لمراقبة امتحانات الطلبة وتصحيح الأوراق .. مر يوما و يونيو لم نر جندياً إسرائيلياً ونزلت اتحسس الطريق ووجدت القوات الإسرائيلية تحيط بمبني الحاكم العسكري الذي كان يوقع وثيقة مع قائد القوات الإسرائيلية وأعلنوا أن القوات الإسرائيلية ستمشط غزة حيا حيا، وعلي كل الشباب بين و سنة النزول إلي الشارع وتقديم أنفسهم.. وفجأة دخل فوج مدرع غزة دخولا فظيعا مرعبا .. دبابات «باتون» تضرب قذائف في وسط الشارع والجنود في المركبات يرشون النوافذ ومداخل البيوت بالرصاص، وتمركزت نقطة مسلحة أمام الفندق ..
وانحشرت مع مشايخ الأزهر في الممر الضيق بين صالة الفندق ودورات المياه كتلة لحم واحدة
نصرخ ونصيح يارب يارب، وطلقات الرصاص ترتد أمامنا في الحائط والزجاج ينهمر علينا..
واستمر هذا الاستعراض الفظيع.
أكثر من ساعة .. اختفي صاحب الفندق وجن العاملون في الفندق في سيناء ومشايخنا يتسألون اين صواريخكم أين قواتكم وأصبح همهم هو التخلص منا قبل دخول القوات الإسرائيلية لتمشيط الحي، وأصبحت المدينة خالية إلا من الزعران واللصوص الذين خرجوا لنهب المحلات وطابور طويل منهم عائد من غزة، بما يحملونه من الميناء إلي داخل المدينة، والقوات الإسرائيلية لا تتعرض لهم، ولكن بعض أصحاب الدكاكين تعرضوا لهم بالرصاص لأبعادهم عن محالهم.
طريق العودة
 وقال لي أحد العاملين في الفندق إن مركبا شراعيا وله موتور علي الشاطيء سيبحر إلي مصر في المساء لاحراز النصر وكان عمدة الشاطيء له زوجة بورسعيدية وهو نازل إلي زوجته في مصر هربا مما يجري.. وتسرب الخبر عند الناس.وعلي الشاطيء رأيت حجرة خشبية تستخدم كمخزن للصيادين فتحتها ووجدت بداخلها سكرتير عام المحافظة ومدير المخابرات وضباط الأمن الكل مختبيء في الحجرة تمهيدا لركوب المركب، وعندما بدأت المركب في الحركة أصيب صاحب المركب عمدة الشاطيء بجنون وأخذ يدفع الناس بالمجداف حتي يستقلوا المركب، وكان مشهدا مفزعا لناس تلقي علي الأرض وفي المياه، وتحركت المركب بجوار الشاطيء وعلي متنها نحو ستين شخصا .. وكانت تجر قاربا صغيرا، ودخل الحبل الذي يربطه بالمركب الأكبر اسفل المروحة وانقطع وغرق من غرق من ركاب المركب الصغير، والذي أصر صاحب المركب علي عدم العودة بالركاب .. واستطاع ضابط فلسطيني شاب أن يسيطر علي صاحب المركب ويهدئه ويمسك هو بزمام الأمور.
كان المشهد مفزعا والمركب يسير بمحاذاة الشاطيء .. مواقع محترقة طابور علي مد البصر من الجنود والضباط العائدين سيرا علي الأقدام وسط المواقع والمعدات المحترقة.. والجثث والآليات المبعثرة في الصحراء .. وسحابة دخان تغطي شرق المتوسط بأكمله، وأسراب الطائرات الإسرائيلية عائدة من ضرب مصر، تلحظنا في البحر ولا تلتفت إلينا إلي أن وصلنا بورسعيد  فجر يونيو بعد حوالي ساعة في البحر، وكان الخوف أن يكون الميناء ملغما، ولكنه لم يكن، وسمح لنا خفر السواحل بالدخول عندما عرفوا أن معنا شخصيات أمنية .. وكان كل من يدخل يستجوب ويتحفظ عليه حتي يثبت شخصيته وتعرف علي محافظ بور سعيد وقتها أحمد طولون وطلبت الأفراج عني وذهبت إلي مكتب الأهرام ووجدته مغلقا، ووجدت سيارة التوزيع وتعرف علي السائق وأخذني معه، وفي الطريق وجدنا الطائرات الإسرائيلية تضرب كل سيارات النقل والأتوبيسات التي تحمل مؤن الشاي والسكر التي أخرجها المصريون من ميناء بور سعيد حتي إلي ما بعد مدينة الزقازيق .. ودخلت السيارة إلي مدينة الإسماعيلية للعودة بالمرتجع وهناك شاهدت القوات المنسحبة وهي تختبيء بمعداتها في شوارع المدينة .
وصلت إلي الأهرام في المساء لم يكن الأستاذ هيكل موجوداً.. الأهراميون غاضبون.. ومجموعة من رجال عامر جاءوا ليستفسروا هل سيصدر الأهرام في اليوم التالي أم لا .. وهل سيحمل خبر تنحية المشير عامر مع عبدالناصر .. كانت حالة فوضي مستولية علي مصر كلها حتي خرجت مظاهرات التاسعة مساء.
الخلاف مع هيكل
وعندما أتيح لي أن أقرأ تقرير حسن البدري الذي كتبت بضمير يقظ ثم أتيح لي أن أجلس مع اللواء حسن فسر لي الكثير مما شهداته في هذه المرحلة ، فقد أثبت التقرير غياب معدلات الأداء في الجيش .. أن الفوضي التي سادت عمليات حشد الاحتياطي وتسليحه، وعدم الاستعداد في الفرقة الرابعة المدرعة المعدة لدخول إسرائيل ثم الانتشار الشديد لمواقع الجيش علي امتداد مساحات واسعة من سيناء فأصبح اختراقها سهلاً بطابور مدرع وحتي الاحتياطي بوضعه وقلة تسليحه فقد إمكانية أن يكون درعا واقيا للقوات المتقدمة.
ثم أثرت رؤيتي للهزيمة علي مجمل موقفي من ثورة يوليو ومن النظام حتي إنني اختلفت مع الأستاذ هيكل عندما صك تعبيره النكسة في حوار علني في الأهرام وقلت له الأمر يتجاوز كثيرا أن يكون نكسة ، الأمر هزيمة للنظام ابتداء من رأسه الممثل في الرئيس عبد الناصر إلي كل الذين شاركوا فية .
·       ما مناسبة هذا الحوار بينكم وبين الأستاذ هيكل؟
كان الحوار في إطار الجماعة القيادية وهي شيء يشبه التنظيم النقابي في المؤسسات الصحفية.. وهو تنظيم شرعي واسع وعلني وهي تتبع شعبه عابدين للاتحاد الاشتراكي وكان رئيس هذه الجماعة الذي يفتش علي أعمالها ليس الأستاذ هيكل ولكنه أمين الاتحاد الاشتراكي في عابدين وكان موظفا في بنك القاهرة، وفي إطار هذه الجماعة جاء الحوار أثناء مناقشة أسباب الهزيمة كان الاتحاد الاشتراكي يحاول استيعاب غضب أعضائه ويقول إن الوقت لم يفت ومازال في جعبة عبدالناصر الكثير، الهزيمة لم تتحقق وخسارة معركة لا تعني أن الحرب انتهت .
·   سيناريو خروج الناس ليلة يونيو مازال هناك اختلاف حوله هل هو خروج منظم من حشود الاتحاد الاشتراكي أم خروج تلقائي للناس بمجرد اسماعهم نبأ تنحي عبدالناصر ما شهادتك علي هذا اليوم؟
كان يمكن أن يكون فيه جزء منظم لكن الجانب الكبير منه كان عفويا، فالمصريون كانوا عيال علي الثورة .. عبدالناصر هو الذي يوظفهم وهو الذي يعطيهم الأمن صحيح هو يسلبهم إرادتهم السياسية أو علي الأقل يتكلم بأسمهم أو يدعي أنه الوصي عليهم أو المكلف بأمنهم وحمايتهم وكان الخروج من الناس معناه إلي أين تذهب وتتركنا، تترك ما حدث كان الخروج فيه نوع من الغضب.. والانزعاج وفقدان الأب كان مزيجا من هذا كله.والخروج تلقائي لأنه حدث في كل أرجاء مصر في القاهرة والمحافظات والقري في نفس التوقيت.
عودة الوعي
·       كيف انعكست آثار الهزيمة علي وسائل الإعلام وقتها؟
 حدثت صيحة ضمير في البداية حتي وصلت القوات المسلحة في التقريرين اللذين كشفا اسباب الهزيمة ثانيا شعر النظام إنه لابد من رفع الغطاء عن الإناء المحكم لخروج بخار الغضب الجماهيري فتوسعت مساحات الحرية فرأينا مسرح الفريد فرج وغيره من المسارح الناقدة الشديدة وكتب نجيب محفوظ أهم رواياته الناقدة أيضا وفي هذه الفترة كتب د. جمال العطيفي سلسلة مقالاته الشهيرة حول ضرورة تقنين الثورة وكتب هيكل مقالاته عن زوار الفجر.. حدث نوع من التفتيش الداخلي عن أسباب المرض وقام الأهرام بدور كبير شاركت فيه. كانت المشكلة هي فقد المصريين الثقة بأنفسهم وقدراتهم فكلفني هيكل بعمل سلسلة من الموضوعات مع علماء الآثار المصريين يرأسهم د. عبدالمنعم أبو بكر لتعين استنطاق تاريخ مصر بما يوحي للمصريين بأن هناك جذورا وأصولا وأن الشخصية المصرية لم تضع وعلينا أن نستيعد الثقة بأنفسنا وكتب ثلاثة وعشرين مقالا مستوحي من تاريخ مصر الفرعوني وتاريخ مصر الوسيط لتعيد للناس الثقة بتاريخها بالشخصية المصرية.. وفي هذه الفترة كتب يوسف إدريس أهم مقالاته السياسية .. وخرجت المظاهرات للشوارع وانتقدت عبدالناصر وحثته علي أن يري ما يحدث وكان الشعار اصحي يا عبدالناصر .. خاصة بعد محاكمات قادة الطيران .. في هذه الفترة أيضا تكشفت طبيعة العلاقة المرضية بين عبدالناصر والمشير عامر.
·   الي متي  استمرت الانفراجة الإعلامية والثقافية خاصة أن سنوات ما بعد يونيو شهدت أزمات رقابية علي الإبداع؟
عبد الناصر تقدم ببيان مارس وتصورت الناس أن كل شيء يتغير من أعماقه وجذوره، وأن النظام استوعب درس النكسة ولكن اعتقد أن عملية الإصلاح مضت ببطء، وظل الوضع القائم كما هو، وظلت المجموعة القريبة هي هي لم تتغير، فخفت حماس الناس للإصلاح حتي جاء الرئيس أنور السادات ووسع الحرية عندما تحدث عن الحياة الحزبية بالمنابر أولا، وألغي الرقابة علي الصحف وإفراجه عن الإخوان المسلمين .. وكان هذا كله يكاد يكون مسيرة متصلة درسها المستفاد الأول، هو أنك لا تستطيع أن تحكم البلد بنفس المعايير ما قبل عام ، وأعتقد أن المنحني ما زال مستمرا حتي الآن، فالناس تكسب المزيد من الحريات والسلطة هي التي يقل حجمها .. فالرأي العام والناس كفته الأرجح، فالحكومة زمان كانت «تتعنطز» علي الناس الآن هناك اعتراف برأي عام يعمل حسابه ويوضع في الاعتبار هناك خوف من اتخاذ أي قرارات تتعلق بالخبز أو الرواتب أو الغلاء، وكلها حسابات لم تكن توضع في الاعتبار، والناس زاد اجتراؤها علي الحقيقة منذ حتي الآن بعد ما عرف الناس أن النظام لم يثبت قدرته علي مواجهة التحديات التي واجهها، خاصة أنه قدم صورته بأنه يملك أهم قوات مسلحة في المنطقة وأن النصر قادم لا ريب فيه. .
·       البعض يري أن ما حدث في من شحن في وسائل الإعلام لم يكن غرضه إعلان الحرب علي إسرائيل، ولكنها طريقة عبدالناصر في اتباع سياسة الحافة والوصول بالأمور إلي حد الأزمة ضغطا علي الطرف الآخر قبل قبول التسوية تحقيقا لأهداف ومكاسب تفاوضية ..
الغربيون هم الذين اعتبروا أنها كانت مغامرة من عبدالناصر لم يحسن فيها حساب أرصدته بشكل جيد، وهذا صحيح لدرجة أن ديان عندما شاهد أوضاع القوات المصرية في سيناء دخل علي جولدا مائير يطلب منها إصدار أمر بالحرب فورا، وإن لم تصدر هذا الأمر فسيخلع رتبته العسكرية وسيترك الجيش لأن أوضاع قواتنا أوحت لهم بضرورة توجيه ضربة لها .. مجرد طابور مدرع اخترق هذه الستارة الخفيفة من القوات المنتشرة علي مساحات كبيرة وصل إلي شط القناة في ست ساعات، هذا خطأ في الاستراتيجية والتخطيط باستثناء بعض المعارك الصغيرة في بعض المواقع، فإن الجيش الإسرائيلي كان يتقدم بأقصي سرعة
·       هل مات عبدالناصر سياسيا بعد النكسة كما قال البعض؟-
الذي قال هذا الكلام هو حسين الشافعي وأعتقد أن الهزيمة أثرت في نفسه كثيرا ودمرت كبرياءه، لكن لا نستطيع أن نغمط حقه عندما اختار محمد فوزي بالذات لإعادة بناء الجيش وهو ضابط منضبط وإصراره علي الدخول في معارك اختبار وصلت إلي حد عبور كتيبة كاملة للقناة وسيطر علي موقع في الضفة الأخري لساعات، ثم تدميره للمدمرة إبراهيم التي أخذت منا بصاروخ بحري.. والعمليات التي بدأت برأس العش تؤكد أن عبدالناصر بذل جهدا كبيرا، لإعادة بناء القوات المسلحة وزياراته المتعددة للمواقع الأمامية، وإذا كان هو شخصيا أحد عوامل الهزيمة بتركه الجيش مطمئنا إلي حسن قيادته وتنظيمه بقيادة صديقه عبدالحكيم عامر في ثقة مفرطة في هذا الصديق، فعلي الأقل فإن عملية إعادة بناء الجيش اتبع فيها الأسلوب العلمي والكفاءة قبل الثقة وأعتقد أنه من بداية عملية رأس العش حتي حرب أكتوبر سلسلة متصاعدة من عمليات تنظيم واختبار وتمكين الجيش من مزيد من القوة وصولا إلي عملية العبور.
·       ما هي  الدروس المستفادة من هزيمة يونيو بعد كل هذة السنوات ؟
لقد ناقشت الكثير من العسكريين فيما حدث في منهم المشير عبدالحليم أبو غزالة والمشير طنطاوي والمشير محمد عبدالغني الجمسي والفريق سعد الشاذلي وأجمعوا كلهم أن الدرس كان قاسيا جدا للقوات المسلحة التي كان أفرادها نجوما يلقون التقدير والفخار والاحترام الزائد، فجأة
وجدوا أنفسهم تحت تقريع ونقد الشارع المصري وكان لهذا أثره الكبير في أكتوبر حيث انعكست الصورة في التنظيم الدقيق وتحويل العملية العسكرية إلي سيمفونية متكاملة مترابطة .. التغير الذي طرأ في العلاقة بين الضابط والجندي .. كسب ثقة أصحاب المؤهلات ليكونوا جنودا ليستخدموا الأسلحة التكنولوجية والعدد المتزايد من قتلي الضباط عن ضباط يونيو .. ونسب الأداء العالية لكل معدة من معدات الجيش.. ودخول الجانب العلمي والتكنولوجي في أداء الأسلحة والمقاتلين، كان هذا أحد أهم دروس .والتي فشلنا حتي الآن في نقلها إلي حياتنا المدنية .. ولكن أهم درس في نظري هو أن الحرية هي أغلي ما تملك الشعوب، وأنك لا تستطيع أن تطعمني وتوظفني وتكمم فمى لان هذا لايصنع المجتمعات القوية.
نشر بجريدة القاهره يونيو 2007 فى الذكرى الاربعين للنكسه 

عود كبريت هاله سرحان

عادت هاله سرحان  الى الساحه الاعلاميه بقناة ملاكى (روتانا مصر), وهى احدى القنوات التى تتبع مملكة الامير الوليد بن طلال الاعلاميه, عادت هاله بزفه بلدى فى المطار, وزفه اعلاميه فى اعلانات الشوارع وبروموهات القناه الجديده , البروموهات عبارة عن مونتاج لجمل وعبارات من حلقات برنامج (هاله شو) , الذى كان يذاع على قناة( روتانا سنيما) قبل هروبها من مصر عام 2006 , ,الجمل مقتطعه على طريقة ( لاتقربوا الصلاة), لتظهر هاله بمظهر المدافعة الاولى عن الحرية والديمقراطيه ومحاربة فساد نظام مبارك ورجاله , على غير الحقيقة طبعا ,حلقات برنامج (هاله شو) كانت اقرب الى جلسات الحظ والفرفشة حيث تختلط الضحكات العاليه للسيدة مقدمة البرنامج و ضحكات ضيفاتها وضيوفها مع فقرا ت الرقص والغناء والاستعراض , وهم يناقشون قضايا من عينة اهم افلام الموسم السنيمائي , وفتوى رضاعة الكبير , وانتشار الدعارة بين بنات مصر , وهى الحلقه التى تسببت فى هروب هاله الى خارج البلاد , بعدما استأجرت عددا من البنات الاتى عادة ما يصفقن ويرقصن فى الحلقات للاعتراف امام الكاميرات انهن يعملن كعاهرات , وبعدما املتهن ما يجب ان يقلنه  , مع وعود لهن بعدم ظهور وجوههن  , او الكشف عن شخصياتهن , وهو مالم يحدث عند اذاعة الحلقة , مما دفعهن لابلاغ  النيابه ضدها , وحاولت هاله لم الفضيحة بشتى الطرق , خاصة والفتيات خضعن لكشف طبى بارادتهن لاثبات عذريتهن , فاتهمت الفتيات بممارسة الجنس بطرق لاتفقدهن العذرية , ووصل الحوار بين الاعلاميه المشهوره والفتيات  الى مستوى غير مسبوق من التدنى , وهربت السيده هاله من القاهره بليل  واعتصمت فى دبى  حيث مقر شركات الامير , الذى تناثرت الشائعات حول انه يحاول الوصول الى اتفاق مع مبارك  وحكومته لتعود هاله لممارسة عملها من القاهره , وحرص الامير على ان يثنى عليها فى المؤتمرات الصحفيه التى كان يعقدها فى اطار جهود تسوية مشكلتهة فى عقد تخصيص ارض توشكى قبل ثورة 25 يناير , ولكن القاهره وقتها  يبدو انها رفضت فكرة عودتها بسبب ماضيها الطويل مع الفضائح الاعلامية , فقد سبق لها ان طردت من قناة (دريم ) المصرية بعدما قدمت حلقة عن (العادة السرية عند المصريات), يومها قامت الدنيا ولم تقعد ليس فقط بسبب جرأة ما قيل , ولكن لأن المتحدثات ثبت بعد ذلك انهن كومبارس يمثلن فى السنيما ولسن كما قدمتهن الست هاله فى الحلفه كمصريات عاديات ,وعندما انتقلت الست هاله الى قنوات art لصاحبها الشيخ صالح كامل  اضطر الى التخلص منها مرة اخرى لرقصا على الهواء مباشرة مع ضيوف برنامجها بشكل غير لائق او محترم .
القضية اذن فى الست هاله  وليست فى مبارك وعائلته ونظامه , وهم باتلمناسبه لايستحقون الدفاع عنهم , لكن المشكلة هى الست هاله مدمنة الكذب الاعلامى , وقد خرجت علينا فى اولى حلقاتها مدعية البطولة , لتقول انها شهيدة دفاعها عن الحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد والاحتكار , ونسيت ان تعتذر لجمهور حلقتها وللمصريين عموما عن اكاذيبها وتلفيقها الاعلامى  وتدليسها , وتشويه سمعة بلدها وبناتها ونسائها فى قناة سعودية , ولو كانت السيده هاله عضوة  فى نقابة محترمه للاعلاميين لفقدت عضويتها فيها , ولفقدت معها ترخيص مزاولة مهنة المذيعة التليفزيونية للابد , ولكن هذه النقابه لم تكن موجوده , كما وان ةالسيده هاله وراءها نفوذ ونقود امير ملكى سعودى , لذلك هى غير مهتمه بالحفاظ على اغلى ما يملكه اى اعلامى , وهو مصداقيته عند جمهوره وشرفه المهنى ,الذى هو مثل عود الكبريت .
نشرت بمجلة المصور 15-6-2011

السبت، 23 أبريل 2011

حرب المسلسلات بين أمريكا والصين


حرب المسلسلات بين أمريكا والصين

الدراما الأمريكية سواء السينمائية أو التلفزيونية في أغلبها تجارية تبحث عن الأشكال مضمونة النجاح الجماهيري بغض النظر عن مدى مصداقيتها وواقعياتها ومن كلاسيكياتها البحث دائما عن أشكال من الأعداء تصنعهم وتسوقهم للناس بوجهة النظر الأمريكية الخالصة .
ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والسينما الأمريكية ومن بعدها التلفزيون رسمت صورة العدو الأول لأمريكا والأمريكيين في شكل عملاء ( الكي . جي . بي ) أو المخابرات الروسية والذي دائما ما ينتصر عليه العميل الأمريكي الوسيم سواء بالقتال أوبالحيلة أوالمكر والدهاء وينجح في كل مرة في تخليص الفتاة الجميلة التي يعذبها هؤلاء الروس ( الأوغاد ) .. وعلى هذه الوتيرة جاءت أفلام مثل مثل ( الستار الحديدي ) لهيتشكوك وسلسلة أفلام جيمس بوند بأبطالها الأربعة شين كونري وروجر مور وتيموثي داكتون وحتى أخرهم بيرس بروساتن والذي لم ينجح فيلمه الأخير ( العين الذهبية ) .
وظهرت مسلسلات تلفزيونية كثيرة ولعل بعضها مما يعاد في التلفزيون حاليا مثا (البارون) و (القديس) وحتى مسلسل (ذئب الجو) والذي يعرض برنامج اخترنا لك حلقات منه ويدور حول طائرة هليكوبترا ذات إمكانيات هائلة تنجح في كل مرة في هزيمة السوفييت وعملائهم .
واليوم بعد انتهاء الحرب الباردة لم يعد الناس يستمتعون ويضحكون وهم يرون الروس وعملاءهم يقعون في فخاخ العملاء الامريكان ولم يعودوا يستمتعون بالتهكم على خط المياه في روسيا بعدما تفكك الاتحاد السوفييتي وأصبح أحد توابع السياسة الأمريكية وأصبحت نشرات الأخبار العالمية تنقل صور معاناة المواطن الروسي وهو يتظاهر مطالبا بالحصول على راتبه فأصبح الروسي في حاجة إلى العطف عليه أكثر منه عدوا يستمتع الجمهور بمشاهدته وهو يهزم .
وأخيرا تفتق ذهن منتجو التلفزيون الأمريكيون عن صناعة صورة العدو الجديد للأمريكيين في أعمالهم الدرامية أنهم الصينيون .. ويقدم المسلسل الأمريكي الجديد (الابن الضال) الذي عرضه برنامج اخترنا لك على مدى الاسبوعين الماضيين بطلين واضح أنهما من أصل صيني من اسميهما (روسال ونج) ، و(شي فو) وهما طالبان جامعيان فرا من النظام الصيني بعد أن تدخلا في إحدى المظاهرات لإنقاذ زملائهما الطلبة المنادين بالديمقراطية من رصاصات البوليس ويصور المسلسل حياة الذعر التي يعيشانها مع والدهما وبعد وفاة أمهما في أحداث ميدان السلام السماوي أو ما عرف بمظاهرات الديمقراطية .. ويعمل أحد الشقيقين كموسيقي بينما يفضل الثاني حياة الإجرام لا لشئ إلا لكي يختلف عن شقيقه الطيب الذي تحبه النساء لوسامته وتنتهي حلقات المفتاح بالشقيق المجرم وهو يهرب من رصاصات البوليس مع المجرم الفيتنامي صاحب حانة (سايجون) بينما يهجر الشقيق الأكبر حبيبته في محاولة لرد أخيه عن غيه ويبدو أن باقي الحلقات ستكون مشكلة للأخ الأصغر في كل حلقة ينقذه منها أخوه الأكبر في أخر لحظة ليتكرر هروبه إلى مكان آخر أو ولاية أخرى ورغم أن الشكل العام للمسلسل لا يختلف عن المسلسلات الأمريكية مثل (الهارب) إلا أن الجديد هنا هو أن الأبطال صينيون ليمكن التعريض بالصين وبنظامها وشعبها وتقديمها للعالم في الصورة التي تريدها لها أمريكا .. فالحوار ملئ بعبارات مثل " بعد ساحة تنيايامين ـ السلام السماوي ـ عرفنا مأساة الذين ماتوا ولكن هناك مأساة الذين عاشوا " .. " الصينيون بعدما يأخذون هونج كونج عام 97 سيتفقون علينا علينا كالنمل " " هناك مليار من هذه الكائنات في العالم " وكلها عبارات توحي بنظرة الاعلامي الأمريكي التي يصدرها لجمهوره من الأمريكيين في مختلف دول العالم للعملاق الصيني .





خرافات القناة الثقافية


خرافات القناة الثقافية


لم أصدق عيني وأنا اقرأ سطور الخبر الذي حرره المسئولون في قناة النيل ترويجا لحلقتين من برنامج اسمه " كتب ممنوعة " يقدمه جمال الشاعر رئيس القناة .. وموضعهما هو مناقشة كتاب لمؤلف مجهول , ديباجة الخبر تقول إن صاحبه وناشره وصفه في إعلانات صحفية ( بكتاب القرن ) وبأنه أثار الأوساط .. وتم طبعه سبع طبعات ! , والكتاب ينسف السائد والثابت من وجهة نظر صاحبه في مجالات علوم الفيزياء والفلك والجغرافيا والجيولوجيا ويتهم صاحبه جميع علماء الدين وعلماء العلوم الانسانية والطبيعية بالغفلة والتغافل وتجاهل الوعي بآيات القرآن ونصوص السنة ومن توجيهاته , أن السنة 364 يوما وليست 365 والأرض ثابتة لا تتحرك ملايين . والمسافة بين عرش الرحمن والأرض 7 ملايين كيلو متر .. ! وعلماء الجغرافيا والفلك والجيولوجيا كذابون ويكذبون على الله !
وأنا أسأل الشاعر رئيس القناة الثقافية هل أصبحت مصادر برامج القناة تؤخذ من الإعلان التي يقول فيها صاحبها عن نفسه ما شاء .. ودون أن نعرف من هو .. وما هو تاريخه ؟ ! بل ما هي مؤهلاته أصلا ؟!.
هل يمكن أن يدفعنا البحث من الإثارة والسخونة في البرامج التلفزيونية إلى أن نستضيف " محبي الشهرة وحب الظهور " وإعطائهم مساحات مجانية في أكبر وأهم جهاز إعلامي .
لقد وصل الأمر ببعض مذيعي التلفزيون من أجل جذب المشاهدين إلى استضافة القطة التي تتكلم ! والرجل الذي خرج من القبر ! والطفلة التي تتحول إلى قطة في المساء ! والرجل الذي عضه الثعبان !.. أما أن يقع رئيس القناة الثقافية في هذه الخطيئة الإعلمية فالأكيد أن الأمر يقتضي لفت نظر !


ديوان البقر


ديوان البقر

شاهدت مسرحية محمد أبو العلا السلاموني ( ديوان البقر ) وفيها يفسر المؤلف ظاهرة التطرف الديني وكيف نشأت وسيطرت على عقول الناس في غفلة وتأييد من بعض الحكام حتى تحكمت في البلاد والعباد من خلال قصة دجال يهبط على بلد من البسطاء ويفتي بأن كل من يستطيع لعق أرنبة أنفه بطرف لسانه أو أن يلمس به ( حلمة ودنه ) يدخل الجنة فيصدقه الناس وينصرفون عن شئون حياتهم إلى محاولات لعق أرنبة أنوفهم أو حلمة آذانهم حتى تستطيل أنوفهم وألسنتهم ويتحولوا إلى ما يشبه البقر ويجدها فرصة ذهبية لإلهاء الناس عنه وعن أسلوبه في حكمهم ويلعب الدجال على الناس فيختار ( غازية ) البلد لتعلن إعتزالها للرقص وتوبتها بعد أن يعطيها مبلغا كبيرا من المال .. ويصم الحاكم أذنه عن نصائح وزيره العاقل وابنته التي تعلمت في بلاد الرومان علوم الدنيا بعد أن ألغاها الحاكم في بلده ويغرق في ملذاته وتنتهي المسرحية بتحكم الدجال في البلد وحاكمهم الذي يتحول إلى مجرد أداة في يد الدجال ورجاله ويحاكم وزيره وابنته .
شاهدت العرض في ليلته الأخيرة التي خصصت لأساتذة وطرب جامعة القاهرة , وهالني استقبال الجمهور لها , وعرفت أنه ليس صحيحا ما يقال عن تحكم بعض الجماعات في أنشطة الجامعة الفنية ورغم المباشرة في النص إلا أن أبو العلا السلاموني استطاع تأصيل ظاهرة التطرف وتبسيطها ودق كل نواقيس  الخطر في الانصراف عن شئون الدنيا التي تطورت من حولنا واهتمامنا بتفاصيل وفتاوى مضللة ومدسوسة .. ورغم أن المسرحية دعوة لعدم تحريم الفنون ووسائل التعبير المختلفة من رسم ونحت وتصوير وغناء .. الخ إلا أن الرمز الذي اختاره الكاتب لم يكن موفقا فكيف نتعاطف مع الغازية وهي تدافع عن نفسها بأنها كانت ترقص للناس ومعهم حتى يرقصوا معها وكان أجدر بالمؤلف اختنيار رمز آخر ينقل من خلاله ما يريده , إن الفنون ليست حراما .
قبل هذا العرض كنت أتصور أن أثار مهرجان المسرح التجريبي والتجارب المسرحية الجديدة لن تظهر إلا من خلال شباب المخرجين الذين مازالوا في طور التكوين ولكنني فوجئت بأسلوب كرم مطاوع الجديد والفريد واستخداماته للألواح الزجاجية كديكور موح بما يدور في القصور وفراغ من فيها واستخدامها في الحركة المسرحية كغرفة نوم الحاكم ثم كسجن شفاف نضع فيه عقولنا قبل أجسامنا .
برع عبد الرحمن أبو زهرة في دور ( المودودي ) الدجال ومعه أحمد حلاوة الحاكم وناهد رشدي وعايدة فهمي ومجموعة الممثلين الشباب وتحية للدكتورة هدى وصفي مديرة مركز الهناجر التي تحمست للعمل وقدمته على مسرحها .


زوربا وبيلي وايلدر على الطريقة المصرية


زوربا وبيلي وايلدر على الطريقة المصرية

سئمت السينما في العالم من نماذج العنف والضرب .. سئمت مننماذج الأبطال الذين يسعون لتغيير العالم وإقامة العدل بأيديهم وأرجلهم ومسدساتهم .. إكتشف السينمائيون أن الناس في حاجة إلى نمذج طيبة من البشر تبشر بالحب والخير تؤمن بالله وبالقضاء والقدر وتسير في الحياة على سجيتها وطبيعتها لاتضمر شرا ولا حقدا لأحد .. فكان (فورست جامب) في أمريكا هو النموذج الذي نجح واكتسح وفتح المجال أمام التيار الجديد في السينما وأصبح موضة حتى أن الرئيس الأمريكي كلينتون قلد حركاته في أحد إجتماعاته الرسمية الأخيرة وأمام عدسات التلفزيون ومراسلي الصحف .
وفي مصر سئمنا من نماذج الأبطال المجرمين الذين يتعرضون للظلم فيخرجون للإنتقام أو الذي تدفعه الظروف الإجتماعية والإقتصادية إلى احتراف الإجرام ثم الإنتقام للضعفاء والمقهورين ومظلومي المجتمع بسرقة اللصوص الكبار ويظل البطل في النهاية لصا يقيم العدل على طريقة اللصوصية والإجرام وربما بالإنتقام ممن ظلموه بقتلهم سواء بالخنجر أو بالرصاص أو بالإلقاء في البحر .
وسط هذا كله يأتي بطل د. محمد كامل القليوبي في فيلمه الجديد (البحر بيضحك ليه) والذي قام ببطولته محمود عبد العزيز إنسانا عاديا موظفا متزوجا يضيق بضغوط الحياة وتقاليدها البالية التي تفرض عليه أن يتحمل أنماطا معينة من البشر ومن السلوك يقرر أن يتمرد عليها وأن يعيش حياة الحرية فيستمتع بمباهج الحياة البسيطة بحيث لا يتخلى عن إنسانيته وكما جاء على لسانه في الحوار " فقد قرر أن يعمل كإنسان في هذه الحياة " يقع في غرام ابنة حاوي فيعمل معها ومع أسرتها ويلف معهم شوارع الإسكندرية .. يهب لنجدة كل إنسان يحتاج لمساعدته حتى فتاة ليل يلقيها بعض العابسين جريحة في الشارع .. ويهب لإنقاذ أخرى من بين يدي فتوة يوسعها ضربا ليأخذ فلوسها . والفيلم كوميديا راقية من النوع الذي نفتقده كثيرا في السينما المصرية .. كوميديا الموقف التي تحمل قيمة ومعنى وهدفا فلا تنساها بمجرد خروجك من باب السينما ولكنك ترتبط بالشخصيات وبالموضوع الذي قد يثير عندك هما أو يغير فيك سلوكا .
وهو النوع الذي برع فيه د. محمد القليوبي حتى الآن في فيلمه " ثلاثة على الطريق " و" البحر بيضحك ليه " ولو إستمر على نفس الطريقة فسيصبح لدينا بيلي وايلدر في مصر .
أما محمود عبد العزيز فقد وجد طريقه في هذا النوع النادر من الكوميديا يذكرني أداؤه بأنتوني كوين في فيلم زوربا فتركيبته الشخصية في الفيلم هي نفس تركيبة زوربا وكان أداء محمود عبد العزيز سهلا ممتنعا وممتعا بلا إفتعال أو مبالغة .
ولعبت نهلة سلامة دورا جديدا عليها أثبت أنها ممثلة جيدة قادرة على الأداء والتعبير ويغفر لها أفلاما أخرى اعتمدت فيها على أشياء أخرى غير ذلك .
وفي النهاية أهمس في أذن المخرج د. القليوبي بأن مشاهد المركب كانت ضعيفة في إخراجها فالمكان ضيق وإضاءته السيئة والعدد الكبير من الممثلين الموجودين داخل الكادر وصعوبة الزوايا التي إختارتها وفرضتها ظروف المكان جعلت تلك المشاهد أقل مشاهد بصريا .





" سهر الليالي " .. فيلم عادي ..دعايته غير عادية


" سهر الليالي " ..
فيلم عادي ..دعايته غير عادية
ذهبت لأشاهد فيلم " سهر الليالي " مدفوعا بهذا الطوفان النقدي الذي يرفع الفيلم إلى مصاف المعجزات السينمائية والفلتات التي لا تتكرر سواء من حيث الموضوع والسيناريو أو الاخراج أو أداء الممثلين ..
والنظرة الموضوعية لهذا التيار النقدي الجارف تقول إن النقاد ربما استاءوا من كم الأفلام الهابطة التي تحقق أعلى الايرادات مثل " كلم ماما " و " اللي بالي بالك " ولكن الموضوعية كانت تقتضي أن ننظر " لسهر الليالي " بإعتباره فيلما عاديا أو أقل ولا يزيد عن كونه ذحلقة غير متقنة من المسلسل الأمريكي الشهير " سفينة الحب " حيث ثلاث أو أربع قصص عاطفية تربط بينهما علاقة واهية قد تكون صداقات الأبطال ببعضهم أو وجودهم في مكان واحد .. وتصل العلاقات إلى عقدة ـ خايبة ـ بشكل متزامن ثم تنتهي نهاية سعيدة أخيب منها وبالطريقة نفسها .
ومن حيث الموضوع فالسيناريست تامر حبيب اختار أربعة أزواج من الطبقة الراقية رغم أن أبناء غالبية هذا الشعب في هذه السن لايستطيعون الزواج ولا يملكون تكاليفه وربما لا يجدون أي وظيفة من أساسه ..
والعقدة الأساسية في الفيلم والتي تنفجر في الأربع علاقات في الوقت نفسه هي أن تكتشف منى زكي بما لا يدع مجالا للشك أن زوجها فتحي عبد الوهاب يخونها فتثور وتطرده من البيت وتطلب منه عدم الاتصال وبعد ليلة طويلة مملة من الأحاديث المتكررة يعود الزوج المطرود هكذا وبدون مناسبة ـ ليجد زوجته قد وضعت مولودا جديدا فيعودان سمنا على عسل ولا كأنه جرحها ولا كأنها في حاجة لوقت طويل لتسامحه , أما الزوج الثاني فهو خالد أبو النجا وزوجته التي لايشبعها عاطفيا فتترك له نفسها كجثة هامدة مما يدفعها للعلاج النفسي , تطلب الطلاق ويترك زوجها البيت في الليلة إياها التي اجتمعوا فيها في الوقت الذي تكون فيه الزوجة قد قررت أن تستسلم لشاب لشاب أثارها وطاردها وفي لحظة استسلامها له في الصحراء تتركه دون أن نعرف السبب هل تحرك لديها ضميرها ووازعها الديني والأخلاقي أم أنها " قرفت منه هو " المهم أن زوجها الذي طلبت منه الطلاق يجدها في البيت خارجة من الحمام تنفض عن نفسها تراب الصحراء ويطلب منها أن تسامحه وهي تقول له إننا جميعا نخطئ وتحتضنه ولانعرف هل ستعيش معه على الوتيرة نفسها أم أنها ستجد أحدا يأخذ جوزها على جنب ويعلمه ما الذي يجب أن يعمله مع زوجته .
أما العلاقة الثالثة فللزوجة حنان ترك وهي ابنة راقصة وممثلة معتزلة فتعاير زوجها بأصله المتواضع يثور ويترك لها البيت وبعد الليلة إياها يعود لأخذ حاجياته رافضا كل توسلاتها له بالبقاء فتضطر للكذب عليه بأنها حامل فيبقى وهذا هو الخط الوحيد المكتوب بعناية وإقناع في الفيلم وإن شابه الملل والتكرار في الحوارات كما في أغلب باقي خيوط الفيلم .
المخرج مبشر وواعد ولكني لا أدعوه لسماع كلمات النقاد التي جعلت منه فلتة زمانه .
علا غانم في الفيلم أنها صاروخ أنثوي محلي الصنع دون الحاجة لاستيراد بطلات تونس ولبنان .
وأخيرا نجح الفيلم في جمع ثمانية أبطال منهم منى زكي وحنان ترك سوبر ستار معظم الأفلام المنتجة الآن مما أتاح عمل عدد كبير من الصور الفوتوغرافية الجميلة في حملة دعاية الفيلم التي أثمرت وجعلت من الفيلم قنبلة ومعجزة على غير الحقيقة .





سينما الأدب وأدب السينما


سينما الأدب وأدب السينما

بعدما شاهدت فيلم " زيارة السيد الرئيس " للمخرج منير راضي عن قصة الأديب يوسف القعيد وسيناريو بشير الديك بقدر فرحتي بالعمل وبمستواه كان حزني وأسفي على السينما المصرية التي تجاهلت الأدب المصري لفترات طويلة ولم تحاول الاستفادة منه بشكل مناسب وبخاصة جيل أدباء الستينات كيوسف القعيد وخيري شلبي وصنع الله ابراهيم ومحمد مستجاب ومحمد المنسي قنديل وابراهيم أصلان وبهاء طاهر وعبد الحكيم قاسم رغم ما في أدبهم من إمكانات كبيرة للتحول إلى أعمال سينمائية ذات مستوى .
وحكايات السينما مع الأدب جاءت مع بدايات السينما نفسها فعندما اخترع إخوان " لوميير " الفرنسيان التحريك السينمائي أو تحريك الصور استغل المنتجون الإختراع الجديد في إبهار المتفرجين بمشاهد القطارات التي تندفع إليهم ومشاهد السفن المتحركة ومع التطور احتاجت السينما إلى القصة التي بها حبكة وشخوص وأحداث وبعد محاولات كثيرة في السينما الصامتة اتجه السينمائيون إلى الأدب ينهلون منه مايشاءون من قصصهم السينمائية ..
وفي مصر كانت أول رواية مصرية " زينب " للدكتور محمد حسين هيكل من أوائل الأفلام المصرية الصامتة ومن أوائل الأفلام الناطقة أيضا ومع التطور أثرت السينما في الأدب كما أثر فيها .. فبالإضافة إلى تحول السينما إلى رافد ثقافي هام لأجيال الأدباء الذين جاءوا بعدها تأثر الأدب بالتكنيك السينمائي فظهر الإيجاز في الأدب والمونتاج واللعب بالزمن وتأثر أدباء العالم كله بالسينما في فرنسا والموجة الجديدة وفي إيطاليا البرتو مورافيا وفي أمريكا هيمنجواى الذي خرج للعالم بأسلوب روائي جديد يعتمد على اللقطة الخارجية التي توحي بعمق ما تحتويه وبما هو غير مرئي واستخدم هيمنجواى اللقطة والمشهد في كتاباته .. وفي مصر لم يظهر التأثر بالسينما كتكنيك فني ولكن تأثرت السينما بكتابات نجيب محفوظ ويوسف السباعي ويحيى حقي وإحسان عبد القدوس عن طريق مخرجين يملكون الحس الأدبي كصلاح أبو سيف وكمال سليم وكامل التلمساني .. وظل جيل الستينات الذي أثرت السينما في كتاباته بشكل قوي والذين تصلح معظم كتاباتهم كأعمال سينمائية مهملون تماما من السينما كخيري شلبي وابراهيم أصلان وبهاء طاهر وعبد الحكيم قاسم ويوسف القعيد ويحيى الطاهر عبدالله وحتى د.يوسف ادريس لم تستفد السينما من كتاباته رغم أن معظمها سواء روايات أو قصص أو مسرحيات تصلح للسينما بإستثناء أعمال قليلة هي الحرام والعيب والنداهة .
ولكن من العلامات المبشرة بداية تنبه السينما إلى هذا الكنز الأدبي المهمل على يد مجموعة المخرجين الواعدين الذين يقدمون حركة السينما المصرية الجديدة كداوود عبد السيد وخيري بشارة ومنير راضي .


سينما لاتعرف الخجل .. !!


سينما لاتعرف الخجل .. !!

أتاح لي المهرجان القومي للأفلام الروائية أن أشاهد بانوراما سريعة عن السينما المصرية عام 94 عام القحط والجفاف السينمائي .. ورغم أن الأزمة أفرزت نوعا فريدا من الفن السينمائي الجميل الذي تصدى له المبدعون الحقيقيون من محبي السينما من كتاب ومؤلفين ومخرجين , الذين يحلمون بالفن الذي يعبر عنهم وعن مجتمعهم وإيمانهم بدور هذا الفن في تغيير الحياة للأفضل . وجدت أيضا بعض أصحاب الأفلام يحاولون الاستفادة من الأزمة أو يعتبرون السينما وسيلة لكسب قرشين ضمن أنشطة وأشياء أخرى في حياتهم .. فقد شاهدت فيلم ( مصيدة الذئاب ) للمخرج اسماعيل جمال بطولة حمدي الوزير ونهلة سلامة .. وهو يحكي قصة اختطاف موظفة فقيرة واغتصابها على يد مجموعة من الشباب الفاسد العابث ومحاولات ضابط شرطة للايقاع بهؤلاء المجرمين ..والفيلم توليفة تجارية وجماهيرية فلا قصة ولا مضمون . فقط مشاهد العري والجنس اللازمة لاغتصاب البطلة طوال الفيلم إلى جانب سهرات المجون لمجموعة الشباب الفاسد التي تقدم فيها أغاني الكباريهات , فالمعاني حزينة والمطرب يرقص و " يتنطط " وحتى فتيات الكباريهات وراقصاتها إلى جانب معارك الضرب المفتعلة للضابط الذي يضرب وحده أكثر من ثلاثة رجال كل مرة ولاتجد تفسيرا لذلك سوى محاولة المخرج وصناع الفيلم تقديم الرمز ( الكباريهاتي ) الباقي وهو الفتوة ومن هنا عجز الفيلم فنيا وموضوعيا عن التصوير الصحيح للمأساة التي يتعرض لها ويحاول تصويرها .
وعينة أخرى من أفلام الأزمة التي لاتعرف الخجل هي أفلام ركوب الموجة وهي أفة سينمائية مصرية مزمنة , فأفلام أكتوبر ظهرت كلها عام 74 ثم لم يقدم عنها شئ وبعد قضية بليغ حمدي ظهر فيلم " موت سميرة " وغيره لأن عام 94 كان عام الإرهاب في مصر فقد جاء فيلم ( الناجون من النار ) نموذجا مثاليا لتلك الظاهرة فلا قصة ولا سيناريو ولاحتى موضوع .. فالقصة هي لأخ ضابط وأخوه الإرهابي اللذان فرضت الظروف أن يقتل كل منهما طفل الأخر ويتواجهان في النهاية .. وأنت طوال الفيلم لاتعرف لماذا تحول الأخ من إنسان سوي إلى إرهابي ولايناقش الفيلم أفكار لهذه الجماعات . ولو غيرت أصحاب اللحى والجلاليب البيضاء إلى مجموعة فتوات السينما القدماء : رياض القصبجي وفريد شوقي فلن تجد أي خلل درامي وهذا هو الخطأ الفني الكبير الذي ينبغي محاسبة الفيلم عليه . وأخيرا أقول أيتها السينما كم من الجرائم ترتكب باسمك ويا بعض السينمائيين أين حمرة الخجل في وجوهكم ..