Translate

الأحد، 18 يناير 2015

لماذا يسئ الغرب للرسول؟


الإساءة للرسول الكريم أصبحت سلوكاً إعتيادياً فى الإعلام والمجتمعات الغربية, لاتهمهم ثورات غضبنا ولاتظاهراتنا فى العالمين العربى والإسلامى, يقولون إنه الصدام الطبيعى  بين حضارة غربية علمانية تعرف التعدد وتحترمه وحضارة محورها الوحيد هو الدين, ولكن الحقيقة هى أن علمانيتهم وإدعاء قبول التعددية الدينية تخفى تعصب وتطرف دينى شديد أو على الأقل إنتهازية سياسية وإقتصادية وعقلية إستعلائية إستعمارية.
الرئيس الأمريكى جورج بوش الإبن غزا العراق من أجل بترولها ولكنه برر ذلك لشعبه " بإنها حرب صليبية" وزاد على ذلك إنه " إنه يتصرف بوحى من السماء".
وشريكه فى الجريمة رئيس الوزراء البريطاني وقتها تونى بلير ذهب لزيارة القوات البريطانية التى إحتلت مدينة البصرة  العراقية النفطية ليحضر قداسا مع جنودة  وينشد معهم " جند المسيح الزاحفون إلى الحرب . . يتقدمهم صليب المسيح. .وبظهور آية النصر . . هربت كتائب الشيطان".
برلسكوني العجوز المتصابى المدان بممارسة الجنس مع قاصرعندما كان رئيساً لوزراء إيطاليا وصف الإسلام بأنه "دين رجعي، لا يواكب الحضارة، ويدعو إلى العنصرية وهو دين الإرهاب".
وبمنتهى الإستهانة بالإسلام والمسلمين ألقى بنديكت السادس عشر بابا الفاتيكان وبعد شهور قليلة من توليه منصبه محاضرة فى جامعة بون في 12 سبتمبر 2006 تحت عنوان "العقل والإيمان في التقاليد المسيحية والحاضر المسيحي" إستحضر  خلالها البابا حواراً قال إنه جرى بين الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني ومثقف فارسي يقول فيه الإمبراطور" أرني شيئا جديدا أتى به محمد، فلن تجد إلا ما هو شرير ولا إنساني، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف",وفى نفس المحاضرة قال البابا "أن صورة الإله في العقيدة الإسلامية لا تتماشى مع العقل".
ثارت شعوب العالم الإسلامى على تحريض البابا على معتنقى دينهم, وطالبوا البابا بالإعتذار لكن الرجل لم يعتذز, فإستدعى موقف بندكت السادس عشر دعوات بابوات الفاتيكان السابقون لشن الحروب الصليبية على الإسلام والمسلمين والتى بدأها البابا سلفستروس الثاني عام 1001 وفشلت, ثم كرر الدعوة  البابا جريجوريوس السابع (1073-1085) ولكنها فشلت أيضاً, حتى جاء البابا أوربان الثاني  وقام بجولات في أنحاء أوروبا لحث فلاحى اوروبا على "انتزاع بيت المقدس من الجنس اللعين الخبيث" واعداً المشاركين فيها ببركة الكنيسة والغفران الكامل لخطاياهم, وقد إستمرت هذه الحملة قرابة قرنين من الزمان (1089م – 1291م).
وتحريض قادة الغرب من سياسيين ورجال دين على الإسلام والمسلمين له منظروه الأكاديميون فأستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد صمويل هنتنجتون( 1927 -2004م) كتب مقالاً فى مجلة (فورن بولسى) عام 1993م بعد إنهيار الإتحاد السوفيتى وتوسع فيه بعد ذلك ككتاب بعنوان (صدام الحضارات) وفيه وضع الإسلام كعدو كبير أمام الحضارة الغربية يجب أن تتوحد دولها ضده بتمسكها بهويتها الثقافية, قال الرجل فى أطروحته " لم ينتصر الغرب، كما يعتقد الكثير من أفراده وقادته السياسيين، بسبب علو قيمه أو أفكاره أو دينه بل بسبب قدرته على إستخدام العنف المنظم ضد الحضارات الأخرى".
ونظرية الرجل التى لاقت ردود فعل واسعة فى العالم خاصة بعد هجمات تنظيم القاعدة على برجى التجارة العالميين فى نيويورك فى 11 سبتمبر 2001م تتلخص فى أنه بعد نهاية الحرب الباردة ونهاية الصراع الأيديلوجى بين الشيوعية والرأسمالية, وبعد ضعف الدول القومية بفعل الشركات متعددة الجنسيات عاد الناس فى العالم إلى هوياتهم الثقافية والعرقية القديمة, مما ينبئ بأن الصراعات القادمة ستكون بين اصحاب الحضارات القديمة, ومع ضعف قوة الغرب وتطور وتقدم الحضارات الأسيوية وخاصة الكنفشيوسونية الصينية سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً, وفى ظل النمو السكانى الإسلامى ورفض هؤلاء الإسلاميين للحضارة الغربية فى الوقت الذى يملأهم الحقد والحسد على تقدمها وسيادتها للعالم,  ومع تفضيل هؤلاء المسلمين لثقافتهم العنيفة والمتخلفة على التحضر والتقدم ومحاولاتهم لأسلمة الحضارة الغربية ولذلك فالإسلام هو الخطر الحقيقى المحدق بالغرب وحضارته والذى سيسعى للقضاء عليها إذا لم يتنبه له.
أما لكل الذين يتهمون الإسلام نفسه والمسلمون عموماً بالإرهاب فنقول لهم أن ديننا لم يأمرنا بالصدام مع الحضارات والديانات الأخرى فيقول جل وعلى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، ونهانا سبحانه عن إظهارابسط أشكال العداء لهم ولو لفظياً فقال فى كتابه العزيز (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله)، كما أمرنا العلى القدير بالوفاء بالعهد مع اليهود والنصارى فى قوله (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً).
أما الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد نهانا عن إيذاء أهل الذمة وقال ( من آذى ذمياً فقد آذانى) واعتبر حقهم كمواطنين كحق المسلم، وقد إقتدى خلفاؤه من بعده به, فعندما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه إيليا (القدس) عام 638 م رفض أداء الصلاة في كنيسة القيامة  حتى لاتتحول إلى مسجد, وكتب العهدة العمرية وهى وثيقة تؤمن أهل القدس على كنائسهم وممتلكاتهم, وهى أقدم وثيقة تحدد التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة, وعندما شاهد عمر رضي الله عنه رجلاً من أهل الذمة يسأل الناس قال لخازن بيت المال"أنظر هذا وأمثاله وإجعل لهم نصيباً مفروضاً في بيت مال المسلمين", كما أنه رضي الله عنه أمر بهدم جزء من مسجد لإعادته إلى صاحبته وهى إمرأة نصرانية ضم عمرو بن العاص بيتها إلى المسجد بعد أن رفضت بيعه بأضعاف ثمنه.
هذا هو ديننا, وهذه هى أخلاقنا, أما التشدد والتطرف والإرهاب فهم نتيجة الفقر والجهل والفساد والإحساس بغياب العدالة سواء على المستوى الفردى أو على المستوى الدولى, كما يولد التطرف والإرهاب أحياناً كرد فعل على الإستعلاء والغطرسة الإستعمارية, وعدم إحترام ثقافة ومقدسات الآخر, كما وأن كل جماعات العنف الدينى الإسلامى ولدت على يد الغرب وبمباركته ودعمه, فتنظيم القاعدة أسسه أسامة بن لادن من المجاهدين الذين دربتهم ومولتهم (السى آى أيه) لمحاربة الإتحاد السوفيتى فى أفغانستان, وتنظيم الدولة الإسلامية تكون من المجاهدين الذين مولتهم الدول الغربية وحلفائهم لمحاربة بشار الأسد بالنيابة عنهم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق