Translate

الأحد، 21 ديسمبر 2014

السينما فى مواجهة الإرهاب . . قليل من الأفلام كثير من السطحية


(الإرهاب) محاولة تجارية لإستغلال موجة العنف التى كانت سائدة فى المجتمع وقتها مع إسم نجمة الجماهيرنادية الجندى بلا أى عمق فكرى أو إتقان سينمائى.

(الإرهاب والكباب) تناول جذور الظلم والفساد  التى يمكن أن تدفع المواطن العادى لأن يتحول إلى إرهابى ضد الدولة إذا جاءته الفرصة.

(الإرهابى) إستوحى قصة إغتيال فرج فودة للإقتراب من خفايا عالم المتطرفين وكيفية تجنيدهم وإستغلال فقرهم وجهلهم لإقناعهم بتكفير من لايعرفون عنه شيئاً.

(طيور الظلام) يرى أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة هى سبب كل البلاء الذى يعانيه الناس فى مصر.

(الآخر) تناول الإرهاب والتطرف بأشكال مختلفة من أمريكا ضد العالم, ومن رجال الأعمال فى ضد الفقراء, ومن المتطرفين الدينيين ضد المجتمع.






كانت السينما المصرية دائماً فى الأغلب والأعم سينما تجارية تخاطب غرائز جمهورها لتظفر بما فى جيوبه ولا تهتم كثيراً بمخاطبة عقله وفكره ومناقشه هموم مجتمها وقضاياه المصيرية, كان الإرهاب أحد اهم هذه القضايا التى شغلت المجتمع المصرى منذ بداية الثمانينات وتحديداً بعد إغتيال السادات على يد متشددين دينيين يكفرون المجتمع ليقيموا دولة خلافتهم وحتى 1997 عندما هاجم بعض المنتمين لهذه الجماعات معبد الدير البحرى بالبر الغربى لمدينة الأقصر وقتلوا 58 سائحاً كانوا فى زيارة المعبد.
ورغم أن الفن عموماً والسينما على وجه الخصوص كانا هدفاً للإرهابيين الذين يكفرون المجتمع فهوجمت نوادى الفيديو ودور السينما والحفلات الموسيقية والغنائية لطلبة الجامعات, ومع ذلك لم يشجع هذه السينمائيين على التطرق للظاهرة وأبعادها السياسية والإجتماعية.
وحتى عندما تشجع البعض على تقديم شخصية الإرهابى فى افلامه خرجت شخصيات مسطحة أقرب إلى شخصيات رجال العصابات منها لرجال يتصورون أنهم أصحاب فكر ومبادئ وعقيدة حتى وإن كانت هذه الأفكار والعقائد فاسدة.
وحتى نعرف مدى بعد السينما المصرية عن التعبير الصادق عما يدور فى مجتمعها من قضايا ربما وجب علينا أن نستعرض تاريخاً موجزاً لجماعات الإرهاب الدينى فى مصر, والتى تسببت فى غياب الحياة الديمقراطية فيها طوال اكثر من ثلاثين عاماً, وهى نفس الجماعات التى خرج من رحمها تنظيم القاعدة الذى تجاوزت حدود عملياته المنطقة العربية والعالم الإسلامى كله وضرب برجى مبنى التجارة العالمى فى نيويورك 11سبتمبر 2001م.
جماعات الإرهاب الدينى
عرف منتصف السبعينات فى مصر ظهور العديد من التنظيمات والجماعات التى انتهجت العنف طريقاً لفرض رؤيتها السياسية والإجتماعية فى المجتمع كان من أهمها جماعة الكلية الفنية العسكرية, وهم جماعة أسمت نفسها (شباب محمد), وقامت فى 19 إبريل 1974م بمحاولة الإستيلاء على السلاح الموجود فى مخازن سلاح الكلية الفنية العسكرية بهدف قلب نظام الحكم بقيادة الفلسطينى صالح سرية, والذى كان قد نجح فى تكوين خلايا سرية فى القاهرة والإسكندرية من شباب الجامعات وسماها بالأسر, وكان هدفه هو الجهاد لتغيير الأنظمة العربية الحاكمة لإقامة الدولة الإسلامية.
كما عرفت هذه المرحلة(جماعة المسلمون) والتى عرفت فى الإعلام بجماعة (التكفير والهجرة), وقد أسسها شكرى مصطفى عضو جماعة الإخوان المسلمون بعد خروجه من سنوات الإعتقال(من 1965 حتى 1971), عرفت هذه الجماعة بعد إختطافها لوزير الأوقاف الشيخ حسين الذهبى وإغتياله, كانت الجماعة تكفر المجتمع وتحرم الإنخراط فى مؤسساته, وكانت تهدف إلى إعتزال هذا المجتمع الكافر الذى يحكمه الطاغوت حتى تستطيع تكوين الأعوان الذين يستطيعون فتح هذا المجتمع الكافر.
كما ظهر(تنظيم الجهاد) والذى تأسس عام 1977م من مجموعات منتشره فى القاهرة والجيزه وبعض محافظات الصعيد ولكل مجموعة منها أمير وكان من بين هؤلاء الأمراء عاصم عبد الماجد وعصام دربالة وكرم ذهدى وناجح إبراهيم وكانوا أعضاء فى (الجماعة الإسلامية) فى نفس الوقت, وكان أميرهم العام هو مهندس الكهرباء بإدارة جامعة القاهرة محمد عبدالسلام فرج 27 سنه, والذى ألف كتاباً أسماه (الفريضة الغائبة), وهو الوثيقة الفكرية للجماعة والتى تكفر المجتمع, وتحرم التعامل مع مؤسساته وتدعو أعضاء التنظيم إلى الجهاد إلى إزالة طواغيت الأرض بقوة السيف.
وقد ضم التنظيم رائد المخابرات الحربية عبود الزمر والذى وضع للتنظيم خطة الإطاحة بالنظام لإقامة الخلافة الإسلامية, والتى أسفرت عن إغتيال أنور السادات.
(الجماعة الإسلامية) كانت بدايتها فى السماح بتكوين جماعات إسلامية فى الجامعات فى بداية السبعينات بدعم وتأييد من رأس الدولة انور السادات بهدف ضرب التيارات اليسارية والناصرية المناهضة له, كان نشاط هذه الجماعات مرتبط بنشر الثقافة الدينية السلفية المتعلقه بالأخلاق والآداب والسلوكيات, وبعد أن قويت شوكتها بدأت فى تغيير السلوكيات التى لاتراها ملائمة بالقوة كالتعدى على حفلات الطلاب فى الجامعة, ثم تطور الأمر إلى الصدام مع النظام بسبب إتفاقية السلام والتطبيع مع إسرائيل فى الوقت الذى نجحت فيه الثورة الإسلامية فى إيران فكانت نموذجاً ملهماً لأعضاء الجماعة يمكن تكراره فى مصر, وهو ماجعل هدف الجماعة الأسمى هو ضرورة تغيير المنكر وتطبيق الشريعة الإسلامية, ثم كان قرار الجماعة بضرورة إغتيال السادات بالتنسيق مع تنظيم الجهاد بعدما أصدر السادات قرارات سبتمبر 1981م والتى كانت تقضى بإعتقال أكثر من ألف من مختلف التيارات السياسية المعارضة للسادات من سياسيين وكتاب وصحفيين وقيادات دينية مسيحية ومسلمه كان من بينهم أبرز أعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية, وبعد إغتيال السادات قام أعضاء الجماعة بالتجمع بعد صلاة عيد الأضحى وهاجموا مقر مديرية أمن أسيوط مما أوقع عشرات القتلى من رجال الأمن.
وقد إرتبطت الجماعة الإسلامية بالعديد من حوادث العنف مثل محاولة إغتيال وزير الداخلية زكى بدر فى عام 1990, ثم نجاحها فى إغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب فى 12 أكتوبر 1990.
ثم كانت مذبحة الأقصر فى نوفمبر 1997م والتى تبناها أحد قيادات الجماعة الإسلامية ونفاها آخر ولكنها كانت البداية لكى يعلن قادة تنظيمات العنف المحبوسين فى السجون مبادرتهم لوقف العنف ضد الدولة, وماتبعها بعد ذلك من مراجعات فكرية إكتشفوا فيها فساد إجتهادات شيوخهم السابقة والتى أباحت لهم العنف والقتل والدم.
وسط كل هذا العنف الممتد لحوالى الثلاثين عاماً لم تولى السينما المصرية قضية الإرهاب ماتستحقه من الإهتمام, أوما يتوازى مع ما أحدثته فى المجتمع من تغيرات وآثار.
إرهابى بلا قضية
فيلم (الإرهاب) 1989م للمخرج نادر جلال وبطولة نجمة الجماهير وقتها نادية الجندى كان أول تصدى سينمائى لقضية الإرهاب, ولكنه كان أيضاً مجرد محاولة تجارية لإستغلال موجة العنف التى كانت سائدة فى المجتمع وقتها بسبب جماعة الناجون من النار, وإسم أكبر نجمة شباك وقتها ولكن بلا أى عمق فكرى أو إتقان سينمائى.
و(جماعة الناجون من النار) هى جماعة تكفيرية تزعمها ثلاثة هم مجدى الصفتى ومحمد كاظم ويسرى عبد المنعم, وكانت ترى أن المجتمع كافر وكى يحكم بإسلام فرد فيجب التوقف معه لتبين مقدار مايحمله من الإسلام, وقد قامت هذه الجماعة فى عام 1987م بمحاولات إغتيال وزيرى الداخلية السابقين النبوى إسماعيل وحسن أبو باشا, والكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد.
يقدم الفيلم الذى كتبت قصته حسن شاة وكتب له السيناريو بشير الديك قصة صحفية الحوادث التى تتعاطف مع متهم بالقيام بعمليات إرهابية وتراه مظلوماً, يستغل هو تعاطفها ويوقعها فى حبه ويطلب منها حمل حقيبة لأحد أصدقائة فى الخليج, تكتشف هى بالصدفى أن الحقيبة تحمل قنبلة حيث يريد تفجير الطائرة التى كانت ستقلها مع احد الوزراء, ورغم أن العمليات الإرهابية فى هذه الفترة كانت تقوم بها جماعات جهادية إسلامية إلا ان الفيلم يقدم إرهابى أقرب إلى رجال العصابات, ولايقول لنا ماهى قضيته؟  وماهى أفكاره التى يؤمن بها؟ ولالماذا هو إرهابى؟
كان ثانى الأفلام التى تناولت قضية الإرهاب هى فيلم (الإرهاب والكباب)1992, كان الفيلم هو ثانى تعاون بعد فيلم (اللعب مع الكبار) بين الثلاثى عادل إمام اكبر نجم شباك وقتها, والمتهم بعدم تقديم افلام ذات مضمون أو تناقش قضايا هامة, والمخرج الشاب الناجح شريف عرفة والسيناريست وحيد حامد, لم يتطرق الفيلم إلى قضية الإرهاب والعنف الذى تمارسة الجماعات الدينية المتشدده فى المجتمع ولكن فيلم (الإرهاب والكباب) تناول جذور الظلم والفساد فى المجتمع والتى يمكن ان تدفع المواطن العادى لأن يتحول إلى مشروع إرهابى ضد الدولة إذا جاءته الفرصة ووجد بين يديه السلاح, وحتى فى هذه الحالة لن يجد ما يفعله أو يطالب به سوى وجبة من الكباب بسبب فقره وحرمانه وتعوده على الإستكانة والإستسلام لسلطة الدولة وممثليها.

دراما ضد الإرهاب
وفى موجة من موجات محاولة إستخدام الدراما فى محاربة الإرهاب والتطرف قدم التليفزيون المصرى 1994م مسلسل (العائلة) من بطولة ليلى علوى ومحمود مرسى ومن تأليف وحيد حامد بغرض الرد على أفكار المتطرفين الدينية, خاصة بعد إغتيال فرج فودة بسبب كتاباته فى 8يونيو 1992 على يد إرهابى إكتشف المحققون إنه لايقرأ ولايكتب, وبعد عرض المسلسل رأت الدولة الإستعانة بأكبر نجم جماهيرى, بسرعة شديدة وفى سرية صور عادل إمام فيلمه (الإرهابى) الذى كتبه لينيين الرملى واخرجه نادر جلال, قصة الفيلم مستوحاه من قصة إغتيال د.فرج فودة ولكنها كانت المره الأولى التى تقترب فيها السينما المصرية من أفكار المتطرفين وكيفية تجنيدهم وإستغلال فقرهم وجهلهم لإقناعهم بتكفير من لايعرفون عنه شيئاً.
كان الفيلم أنضج محاولة حتى وقتها من الناحية السينمائية فى تناول موضوع الإرهاب بسبب التكفير, ولكن الدولة وقتها إضطرت إلى حماية دور السينما التى تعرض الفيلم حماية مشددة خوفاً من هجمات المتطرفين.
شجع عرض فيلم (الإرهابى) المخرج سعد عرفة على أن يعرض فى عام 1995م فيلمه(الملائكة لاتسكن الأرض)  بطولة بوسى وممدوح عبد العليم وسعيد صالح, والذى كان قد أنتجه من سنوات ولم توافق له الرقابة على عرضه العام بسبب موضوعة والذى يتناول قصة أب يدعى التزمت فى التدين ويعنف ولده إذا ترك الفرائض, مما يجعل إبنه فى حالة من القلق والخوف من المعصية, ولكن الإبن يكتشف أن تدين والده مجرد ستار لتجارته فى المخدرات غير علاقاته النسائية الغير مشروعة.
وجهان للعملة
ويتكرر اللقاء الناجح بين الثلاثى وحيد حامد وعادل إمام وشريف عرفة فى عام 1995 فى انضج تجاربهما معاً, وأنضج التجارب السينمائية التى تتناول جذور وأسباب الإرهاب فى المجتمع, وهى فيلم(طيور الظلام)حيث يرى الكاتب أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة هى سبب كل البلاء الذى يعانيه الناس فى مصر, من خلال ثلاثة محامين أصدقاء أحدهما يسارى إنزوى بعد التغيرات التى حدثت فى البلد بعد السبعينات إقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً, والثانى وهو الذى قام بدوره عادل إمام وهو من يجد فرصته فى الصعود الإجتماعى فى الإنضمام إلى منظومة الفساد السياسى والإقتصادى فى البلد, والتى تبدا بتقديمه الخدمات الخاصة لكبار السياسيين, وتنتهى به واحداً منهم, اما الثالث فقد إنضم إلى الجماعات الدينية الجهادية كمحام للمتهمين فى القضايا الإرهابية, وكواجهة لإنشطتهم الغير مشروعة.
ورغم أن العمليات الإرهابية ظلت تطل بوجهها بين الحين والآخر إلا ان محاولة تقديمها بشكل سينمائى جاد توقفت بإستثاء محاولة يوسف شاهين تقديم حدث تاريخى فى فيلمه (المصير)1997 عندما قدم علاقة ابن رشد بحاكم الأندلس الخليفة المنصور وتخللى الخليفة عن دعم الفيلسوف, بل وحرق كتبه إرضاء لحلفائه من المتشددين, وكذلك محاولة شاهين فى عام 1999م فى فيلمه(الآخر) والذى تناول فيه العنف والإرهاب والتطرف من أمريكا ضد العالم, ومن رجال الأعمال فى مصر ضد الفقراء, ومن المتطرفين الدينيين ضد المجتمع وحتى ضد اهلهم واشقائهم, وكانت هذه هى المحاولة الأخيرة لتناول هذا الموضوع الهام والشائك الإرهاب بإسم الدين.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق