Translate

الأحد، 21 ديسمبر 2014

(رد قلبى) رد ثوار يوليو على خلاعة سنيما زمنهم


بعد الثورة بشهور محمد نجيب يهدد السينمائيين من الإستمرار فى الإساءة لأنفسنا ودفع جيل من الشباب إلى الهاوية.
نفاقاً للسلطة حسين فوزى يصف فيلمة (جنة ونار) فى مواد الدعاية بالفيلم الإستعراضى الإشتراكى وأنور وجدى يصف ( دهب) بالفيلم الجديدالنظيف فى العهد الجديد النظيف.
إسماعيل ياسين يغنى أول أغنية  لمحمد نجيب فى فيلم (اللص الشريف).
عفريت يتنبأ بثورة يوليو ويبشر بالقضاء على الإستعمار وأعوانه وإقامة حياة ديمقراطية فى فيلم (عفريت عم عبده).
اول ظهور سينمائى لتنظيم الضباط الأحرار فى فيلم (الله معنا)الذى قدم قضية الأسلحة الفاسدة فى معالجة لمفجرها الحقيقى إحسان عبدالقدوس.
المنتجة آسيا جمعت يوسف السباعى وعزالدين ذوالفقار وأحمد مظهرزملاء عبدالناصر فى الكلية الحربية لعمل فيلم عن الثورة.
قصة حب إنجى إبنة البرنس وعلى إبن الريس عبدالواحد  مستلهمة من قصة حب الشاطر حسن خولى الجنينة مع الأميرة.
فى (غروب وشروق) يحاول جمال حماد كاتب بيان ثورة 23 يوليو تصوير الأجواء التى سبقت ليلة الثورة بداية من حريق القاهرة.
صدفة تمنع صلاح ذو الفقار من المشاركة فى الدفاع عن محافظة الإسماعيلية أثناء حصار الإنجليز لها فى 25يناير 1952.
الجيش يرفض التصريح لأحمد مظهر بالتمثيل فى(رد قلبى)لأن رتبته كبيرة فيقرر هو الإستقالة.





كانت صناعة السينما فى اوج إزدهارها عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952م, ولكنها كانت سنيما تجارية خفيفة يغلب عليها الجانب الترفيهى وأحياناً الترفيهى شديد السطحية خاصة فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
جاء أول تصريح عن السينما فى عهد الثورةعلى لسان اللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة ونشرته مجلة الكواكب  فى 11 نوفمبر 1952م وفيه تهديد  ووعيد ووصف لنوعية السينما وقتها بالميوعة والخلاعة والإنحناء نحو التجارة, وقال إن هذا لايمكن السكوت عليه, لأننا بذلك نسئ إلى أنفسنا ونهوى بها إلى الحضيض وندفع جيلاً من الشباب إلى الهاوية.
وهو التهديد الذى جعل السنيمائيون ينافقون السلطات الجديدة ورجالها فيعلن حسين فوزى  عن فيلمه الإستعراضى (جنة ونار) بطولة نعيمة عاكف وعبدالعزيز محمود, والذى عُرض فى ديسمبر ١٩٥٢ بأنه «الفيلم الاشتراكى الاستعراضى الكبير".
وتمشياً مع التوجه الجديد للسنيما فى نفاق الثورة وضباطها يعلن انور وجدى فى حملته دعاية
لفيلم (دهب) الذى عرض فى مارس 1953م "فيلم جديد ونظيف فى عهد جديد ونظيف»، وعلى نفس المنوال غنى إسماعيل ياسين لمحمد نجيب مشيداً بما قام به لصالح الوطن اغنية(20مليون وزيادة) فى فيلم (اللص الشريف) الذى عرض لأول مرة فى 2نوفمبر 1953م وهو فيلم تجارى من إخراج حماده عبدالوهاب, وتأليف على الزرقانى, ومن بطولة شادية وإسماعيل ياسين ولولا صدقى.
العفريت الثورجى
وكان مجلس قيادة الثورة قد قررتعيين الصاغ وجيه اباظه ضابط الشئون العامة بالقوات المسلحة مسئولاً عن السنيما فى أوائل عام 1953م, وقد بقى كذلك لعدة سنوات.
كان اول فيلم يتناول الثورة هو فيلم (عفريت عم عبده)عن قصة وسيناريو وإخراج حسين فوزى والفيلم عرض لأول مرة فى 16 فبراير 1953م, وهو من بطولة ممثله إسمها حبايب وهاجر حمدى وشكرى سرحان وإسماعيل ياسين وعبدالسلام النابلسى.
والفيلم يدور حبايب التى تحاول البحث عن خريطة الكنز الذى تركه والدها عم عبده قبل ان يقتل, والذى تحول إلى شبح يحاول الإنتقام ممن قتلوه و فى نفس الوقت يساعد إبنته فى الوصول الى ثروته التى خبأها قبل وفاته, ولأنه شبح فهو يتبأ بالمستقبل فيتحدث عن ثورة قادمة لتقضى على الفساد والظلم, بل أنه يتحدث عن مبادئها السته التى أعلنها البيان الأول للثورة من القضاء على الإستعمار وأعوانه, والقضاء على سيطرة رأس المال, وإقامة حياة ديمقراطية سليمة, وإقامة جيش وطنى قوى.
كان فيلم (الله معنا) هو اول فيلم يقدم تنظيم الضباط الأحرار سينمائياً, من خلال شخصية عماد حمدى الضابط الذى يفقد زراعه فى حرب 1948م بسبب الأسلحة الفاسدة, ثم البدء فى تكوين تنظيم من الضباط العائدين من الحرب الثائرين على الأوضاع السائدة فى البلاد, ويساند الضباط صحفى شاب يتناول فى كتاباته موضوع الأسلحة الفاسدة, والذى يقف القصر بكل قوته ضد فتحه بسبب مشاركة الملك فى هذه الصفقات, ويدور الصراع بين الضباط والملك وحاشيته حتى ينجح الضباط فى حركتهم ضد الملك.
والفيلم عن قصة لإحسان عبد القدوس وهو اول من كتب بالفعل عن موضوع الأسلحة الفاسدة فى مجلة( روز اليوسف)ومن سيناريو وإخراج أحمد بدرخان, والفيلم عرض لأول مرة فى 14 مارس 1955م, وهو من إنتاج ستديو مصر, أكبر الجهات الإنتاجية وقتها, ومن بطولة عماد حمدى وفاتن حمامه ومحمود المليجى.
ثلاث ضباط
الفيلم الثالث والأهم والأشهر فى محاولة التأريخ للثورة هو فيلم (رد قلبى), والذى عرض لأول مرة فى 9الأسكندرية فى ديسمبر 1957م, وقد حضر جمال عبد الناصر شخصياً العرض الأول للفيلم فى القاهرة 10 ديسمبر فصناع الفيلم من زملائه فى الكلية الحربية, فالمنتجه آسيا بذكائها وجدت ان أفضل طريقة للتعبير عن الثورة سينمائياً بطريقة ترضى المسئوليين الجدد هو بالإستعانه بأصدقائهم من ذوى المواهب الفنية فجمعت يوسف السباعى, وعزالدين ذوالفقار, وأحمد مظهر وكلهم تزاملوا مع عبدالناصر فى الكلية الحربية فى دفعتى 1937و 1938م.
فمؤلف قصة الفيلم هو يوسف السباعى خريج دفعة 1937 حربية وعمل ضابطاً بسلاح الفرسان , وكان يدرس بالكلية الحربية منذ عام 1944م بعد حصوله على اعلى شهادة فى المدرعات فى الشرق الأوسط, وفى عام 1952م عين مديراً للمتحف الحربى.
أما مخرج الفيلم وكاتب السيناريو والحوار له فهو عز الدين ذوالفقار, تخرج من الكلية الحربية فى 1937 ترقى فى الجيش حتى رتبة( اليوزباشى) وهى تساوى النقيب برتب هذه الأيام, إلتحق بسلاح المدفعية ولكن نجاح شقيقه الأكبر محمود ذو الفقار فى التمثيل والإخراج السينمائى دفعه للإستقالة من الجيش والعمل كمساعد مخرج مع محمد عبد الجواد فى عام 1944, وبداية من عام 1947م أصبح مخرجاً وتوالت نجاحاته كمخرج للأفلام الرومانسية.
وكان العسكرى الثالث فى الفيلم هو أحمد مظهر الولود فى 8 أكتوبر عام 1917 وتخرج في الكلية الحربية عام 1938 وهي الدفعة التي كانت تضم جمال عبدالناصر وأنور السادات وعبداللطيف البغدادي وحسين الشافعي.
أثناء الحرب العالمية الثانية كانت مهمته في الجيش رصد الألغام البحرية التي تلقيها طائرات الألمان في قناة السويس حتى يمكن تطهير القناة منها وكانت مهمة محفوفة بالمخاطر لأنه الوحيد الذي يكون موقعه خارج الخنادق أثناء القصف .
عندما قامت ثورة يوليو كان في فرنسا في الطريق إلى فنلندا حيث دورة هلسنكي الأوليمبية وكان ضمن الفريق المصري للفروسية ولأنه كان أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار فقد عينوه في منصب قائد مدرسة الفروسية وهو مازال في الخارج .
عام 1950 اختاره المخرج إبراهيم عز الدين وهو يمت إليه بصلة نسب وكان عائداً لتوه من أمريكا حيث درس الإخراج السينمائي .. وكان أول مشروعاته السينمائية هو فيلم " ظهور الإسلام " عن قصة" الوعد الحق " للدكتور طه حسين وقرر المخرج الاستعانة بجنود الخيالة لتصوير مشاهد المعارك .. ولأن أحمد مظهر كان الضابط المسئول عن هؤلاء  الجنود رأى المخرج أنه يصلح لدور "أبو جهل " وكان فارساً أيضاً ولكن صلته انقطعت بعد ذلك بالسينما واعتبرها مجرد صدفة .
جاء دخوله الثاني والكبير للسينما عام 1956 عن طريق الجيش بواسطة اثنين من أصدقائه من ضباط الجيش ومن محبي السينما ، وهما عز الدين ذوالفقار الضابط السابق بالجيش ويوسف السباعي, وكانت وحدته يفصلها عن وحدة احمد مظهر شارع واحد, فكان أغلب الوقت يقضيه إما في ضيافة يوسف السباعي في الوحدة التي هو قائدها أو يكون يوسف السباعي في ضيافته في الوحدة التي هو قائدها حتى قال له يوسف إن عز الدين ذوالفقار يراه في دور ( علاء ) في فيلم ( رد قلبي ) وأنه ـ أي يوسف السباعي ـ يشاركه الرأي وقبل أحمد مظهر, ولكنه فشل في الحصول على تصريح بالتمثيل من الجيش لأنه كان ضابطاً برتبة كبيرة ( قائم مقام ) وهى تماثل رتبة عقيد  الآن  فقرر الاستقالة من الجيش, ولعب الدور ونجح فيه وتوالت عليه الأدوار  والبطولات بعد ذلك.
الضابط الرابع
وكان الضابط الرابع فى (رد قلبى) ضابط شرطه وكان مازال فى الخدمه أثناء تمثيل الفيلم وهو صلاح ذو الفقار شقيق المخرج عزالدين, وقد ارتبط دور الضابط بصلاح ذوالفقار منذ أول أفلامه "عيون سهرانه" عام 1956، وعلى طول مسيرته الفنية حتى قبل وفاته لفترة قصيرة ، ففي نهاية المشوار تقريباً قدم صلاح ذوالفقار دور الضابط في فيلم " الطريق  إلى إيلات " ، حيث جسد شخصية قائد القوات البحرية ، ولعل السبب في ارتباط هذا الدور به  أنه كان في حياته الواقعية ضابطاً ناجحاً قبل أن يصبح ممثلاً .
ولد صلاح ذوالفقار في 28 يناير عام 1926 لعائلة تجمع بين العسكرية بتقاليدها الصارمة وما تتسم به من جدية وانضباط وبين حياة الفن التي تتلألأ بالأضواء والنجوم  فوالده أحمد مراد ذوالفقار ، كان حكمداراً للمنوفية, وقد حرص على تنشئة ابنه صلاح وإعداده ليكون ضابطاً مثله, وبالفعل حقق الشاب أمل والده  وتخرج في كلية الشركة بتفوق, وكان من زملائه في نفس الدفعة حسن أبو باشا وأحمد رشدي وزكي بدر ، وكل منهم وصل إلى منصب وزير الداخلية, أما الجانب الفنى فى العائلة فكان شقيقاه محمود وعز الأول ترك الهندسة ليتفرغ للتمثيل والإخراج, والثانى ترك الجيش لممارسة الإخراج..
  وفي أعقاب تخرجه عين صلاح ذوالفقار مدرساً بكلية الشرطة, واختار سرية المستجدين ليتولى تعليم كل من يدخل الكلية قواعد السلوك العسكري وآدابه .
ونقل الضابط الشاب صلاح الدين أحمد مراد ذوالفقار إلى سجن مصر العمومي, وأسندت إليه مهمة حراسة المسجونين في قضية مقتل أمين عثمان, ومن بينهم الرئيس الراحل أنور السادات ، ونشأت بينهما علاقة كان الرئيس السادات يتذكرها ويشير إليها في أحاديث في عيد الفن.
وفي عام 1952 تطوع صلاح ذوالفقار في بلوكات النظام بمنطقة قناة السويس وتصادف أن كان في إجازة عندما حاصرت قوات الاحتلال الإنجليزي محافظة الإسماعيلية يوم 25 يناير عام 1952 ، وقد  استشهد أبطال الشرطة الذين كانوا يدافعون عن مبنى المحافظة في ذلك اليوم.
أما كيف بدأ صلاح مشواره الفني ومن الذي أقنعه بالوقوف أمام الكاميرات ، فإن الفضل في ذلك يرجع إلى المنتج جبرائيل تلحمي الذي أقعنه بتمثيل دور البطولة في فيلم ( عيون سهرانه) عام 1956 أمام شادية وإخراج شقيقه عز الدين ذوالفقار ، خاصة وان الدور لضابط شاب وبالفعل حصل على تصريح من وزير الداخلية بتمثيل الفيلم ، ثم حصل على تصريح آخر لتمثيل دوره في فيلم ( رد قلبي ) في نفس العام ، ولم يفكر في ترك الشرطة إلا عندما توفي والده الروحي عميد كلية الشرطة وقتها وأغراه باتحاذ القرار نجاح الفيلمين اللذين مثلهما.
الشاطر حسن
يظل فيلم (رد قلبى) هو أكثر أفلام السنيما المصرية إقتراباً من محاولات التأريخ لها وللأحداث التى أدت لها.
الفيلم حاول التأريخ لأسباب الثورة إجتماعياً وسياسياً, من خلال الوضع البائس لأسرة عبد الواحد الجناينى فى قصر احد نبلاء العائلة المالكة, الفقر فى عائلة الجنانينى يقابلة الغنى الفاحش للنبيل الذى يمتلك الأرض بما عليها من فلاحين, أما عن الجانب السياسى فيبين الفيلم كيف أن الإلتحاق بالكلية الحربية كان بالواسطة, ومدرسوا الكلية الحربية إنجليز,والجيش يهزم فى حرب 1948م بسبب الأسلحة الفاسدة, ويبدأ الضباط الأحرار فى تكوين تنظيمهم بعد هذه الحرب وتكون شرارة ثورتهم هى حريق القاهرة فى 25 يناير 1952م, وتنجح الثورة ويرحل الملك عن البلاد, والطريف أن مشهد مغادرة الملك فى الفيلم وهو مشهد تمثيلى هو المشهد الذى يظهر فى كل الوثائقيات التى تتناول هذا الحدث, لأن المشهد الحقيقى لمغادرة الملك للبلاد لم يتم تصويره.
والفيلم مستلهم من قصة الشاطر حسن فى الفلكلور الشعبى, حيث يقع خولى الجنينة فى حب بنت الأمير, وتطول فترة حب إنجى إبنه النبيل لعلى إبن الريس عبدالواحد الجنانينى, والتى استمرت من طفولتهما مروراً بدخولة الكلية الحربية ثم مشاركته فى حرب فلسطين, ثم عودته وإشتراكه فى تنظيم الضباط الأحرار, ثم قيام الثورة ومشاركته بعد ذلك فى لجان مصادرة املاك العائلة المالكة, حيث يلتقى بحبيبته وتدور مبارزة بالمسدسات بينه وبين شقيقها علاء تنتهى بزواجه منها, كانت الفترة الطويلة لهذا الحب ضرورية حتى يتغلبان على العوائق التى تحول دون زواج بنت النبيل بإبن الجناينى, وفرصة فى نفس الوقت للتأريخ للأحداث التى مهدت للثورة وأدت إلى قيامها.
ومرت سنوات كثيرة حتى ظهر فيلم (غروب وشروق) الذى تدور أحداثه فى الشهور الأخيرة التى سبقت الثورة ومهدت لها فيبدأ من نهاية إخماد حريق القاهرة فى 25 يناير 1952م, حيث رئيس البوليس السياسى عزمى باشا ( محمود المليجى فى الفيلم) الذى يبدوا مسيطراً على الموقف الداخلى فى البلاد, ولكن محاولته إخماد فضيحة خيانة إبنته الوحيده( سعاد حسنى) لزوجها (إبراهيم خان) بقتله وتزويجها لمن خانت معه زوجها( رشدى أباظه), يجعله يضع جاسوساً عليه وعلى انشطته فى بيته مما يؤدى لغضب الملك عليه وعزله قبل ثورة يوليو بساعات.
الفيلم من إخراج كمال الشيخ وعن قصة لجمال حماد أحد الضباط الأحرار وكاتب بيان الثورة,  والمؤرخ العسكرى بعد ذلك وصاحب كتاب (أطول ليلة فى تاريخ مصر) عن ثورة يوليو, وقد كتب السيناريو والحوار للفيلم رأفت الميهى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق