Translate

الجمعة، 15 أبريل 2011

يسرى الجندى



قال إنه مهموم بالكتابة عن حلقات صدام الغرب مع مشروعات مصر النهضوية
يسري الجندي : لم أكتب مسلسل "ناصر" للرد علي مسلسل "فاروق"
·  كل الاحداث والروايات في المسلسل موثقة في مصادر تاريخية بما فيها أحداث طفولته وعلي المشككين الرجوع إلي كتاب جورج فوشيه .
·  لم أنحاز إلي عبد الناصر بدليل إعطائي لمحمد نجيب حقه كبطل في حرب 1948 ومناقشتي لعلاقته بعبد الحكيم عامر بصراحة منذ فشله في حرب 1956 .
·  بعض الذين هاجموا المسلسل لم يروه بدليل أن أحد أقطاب الإخوان أعلن أنه سيقاضي صناع المسلسل مع اعترافه بعدم رؤيته .
·  لم أهاجم المخرج باسل الخطيب فقد بذل الرجل جهدا مشكورا وربما يكون هو مخرج عملي القادم عن فترة حرب الاستنزاف .


       اختلفت الآراء حول مسلسل ناصر الذي كتبه يسري الجندي وأخرجه السوري باسل الخطيب اختلط الهجوم علي المسلسل بالموقف من عبد الناصر نفسه وكراهية بعض التيارات له حتى أن الهجوم بدأ علي المسلسل قبل بدء عرضه.
ومع ذلك تبقي بعض الملاحظات عليه التي تحتاج لإجابات المؤلف عليها .. هل كتب مسلسله ردا علي مسلسل فاروق وما أحدثه من ردود أفعال متعاطفة مع الملك وعصره ؟ .. لماذا اختزل الكثير من الأحداث التي تعتبر مأخذاً علي ناصر هل لأنه يكتب مسلسلا متعاطفاً معه ومع تجربته ؟... لماذا ظهر الزعيم زعيما منذ طفولته وعلي أي مراجع استند في الحكايات العائلية التي تجعل خليل عم ناصر هو أستاذه الأول في الوطنية ؟ ...ولماذا كان هيكل هو البطل الثاني في عبد الناصر ؟ ولماذا أعطي علي أمين دورا أكبر علي حساب شقيقه مصطفي الذي كان  أكثر ارتباطا بناصر وهيكل ولكن هيكل لم يكن يميل إليه .
* هل جاء مسلسلك في العام التالي لمسلسل "الملك فاروق" بعدما أثاره من ردود فعل وتعاطف مع الملك كرد علية؟
- فاروق كعمل لا تعليق لي عليه لأنه اجتهاد لزميله هي حرة فيه وأنا لا أعلق علي أي عمل لزميل إلا إذا طلب هو مني ذلك وفي حوار شخصي بيننا فقط ولم يكن في نيتي أو اعتباري الرد علي مسلسل فاروق لأن المسألة بالنسبة لي لها منظور كبير جدا يتجاوز فاروق فهي سلسلة من حلقات كلها تدور حول مصر وصدامها مع الغرب كلما  لاح في الأفق إرهاصات مشروع نهضوي وحداثه فيتم ضربه وضرب مصر لأن وقوفها علي رجليها يعني ضرب كل المخططات الاستعمارية في المنطقة كلها ولا يمكن تفسير مسلسل "ناصر" بدون هذا المنظور .
ومشروع مسلسل عن جمال عبد الناصر كان في ذهني منذ دعيت لأول مرة للكتابة للتليفزيون من المسرح الذي حققت نفسي فيه وأخذت جائرة الدولة مرتين في الكتابة له ... وعندما دعتني المخرجة الكبيرة علوية زكي للكتابة التليفزيونية فكرت في الكتابة عن عبد الناصر لكن خفت وكتبت عن عبد الله النديم ، كنت دائما مؤمنا بثوابت تجربة عبد الناصر من رفض التبعية والعدالة الاجتماعية فالناصرية لم تكن نظرية في الكتب ولكنها تجربة تبلورت علي الأرض بالتجربة والخطأ.
* هل حياة عبد الناصر من ميلاده وحتى وفاته بما فيه من أحداث اجتماعية وسياسية كانت تكفيها ثلاثون حلقة فقط ؟ لقد شعرنا في النصف الأخير من المسلسل باختزال الكثير من الاحداث  المهمة ؟ .
- حياة عبد الناصر والفترة التي عاش فيها من الخصوبة والتعقيد التي تحتمل معها عشرات الأعمال الفنية فرغم أن الحقائق مصادرها واحدة إلا أن التفسيرات لها تختلف من كاتب إلي آخر فالكاتب الدرامي هنا له تفسيره للتاريخ وقد كتب عن عبد الناصر وثورة يوليو أكثر من 3200 كتاب وهي مصادر غنية وثرية لكل من يريد تناول هذه الفترة في عمل فني .
وفي بداية التجربة كان الاتفاق مع الشركة المنتجة وهو أن يكون المسلسل في جزئين 60 حلقة وقد عملت علي هذا الأساس وعملت علي تأصيل شخصية عبد الناصر وكيف تكونت ولكن الظروف الانتاجية فرضت ضرورة الاختصار الي ثلاثين حلقة فقط.
* تساءل البعض عن مصادر بعض الحكايات التي وردت في المسلسل مثل كونه زعيماً منذ كان طالبا في المدرسة أو أن عمه خليل كان هو أستاذه الأول في الوطنية؟
- كل ما قيل في المسلسل موثق من مصادر تاريخيه فواقعة مظاهرة سنة 1930 التي شارك فيها وهو طفل موثقة في كتاب جورج فوشيه السويسري الذي قال هيكل انه يحسده لانه ذهب الي الاماكن التي عاش فيها جمال عبد الناصر من بني مر إلي الخطاطبة وباكوس ومدرسة النهضة .
وكل ما قاله المسلسل عن بدء تفتح وعيه الوطني وانطوائه بحكم اغترابه عن أسرته وعشقه لأمه وملامح الحزن التي تركها بعده عنها ثم بعد معرفته لخبر موتها بعد فترة من حدوث الوفاة . ثم انتماؤه إلي جده الحاج حسين سلطان المزارع الفقير الذي بني فوق بيته كتاب القرية ثم تأثره بعمه خليل المنتمي لحزب الوفد والذي شارك في ثورة 1919 بعكس والد عبد الناصر الذي كان في حاله ... كلها وقائع مسجلة في الكتب التي أرخت لجمال عبد الناصر وحياته.
* ولكن شعرنا أن هناك عدم توازن في المسلسل الذي أفرد أكثر من نصفه لحياة عبد الناصر قبل الثورة ثم اختزل بعد ذلك أحداثاً مهمة في مشاهد قليلة أو جمل حوار.
- كما قلت إن المسلسل كان مخططا له أن يكون في جزئين ولكن كل المحطات التليفزيونية رفضت ذلك فقلنا نجعلهم 45 حلقة ورفضوا ذلك أيضا وأصروا علي 30حلقة فقط فاتفقت مع الشركة علي التوقف عند عام 1967 ثم يتم تغطية الفترة من 1967 إلي وفاته عام 1970 بمشاهد أو مانشيتات الصحف أو جمل حوار كنوع من الاختزال الشديد لمرحلة شديدة الأهمية واتفقت علي عملها في مسلسل آخر لأنها تستحق ذلك.
* لكن البعض فسر ذلك بانحيازك لعبد الناصر حتى لا تنتقد أخطاء تجربته ؟
- المسلسل انتقد أخطاء عبد الناصر بداية من أزمة مارس 1954 مع اللواء نجيب وما أخذ علي مجموعة ضباط الثورة ثم انتقدنا تهاونه مع عبد الحكيم عامر بعدما ظهر فشله في حرب عام 1956 ، وقيل في الحوار إنه يجب أن يعزل القيادة الفاشلة فأنا لست منحازا لعبد الناصر فقد قدمته كإنسان عادي مر بظروف غير عادية أنضجته قبل أوانه بداية من موت أمه التي يحبها ثم غربته ثم تأثره بجدة الفقير الذي يضع كتاب القرية فوق بيته وكل الحوادث التي ذكرها المسلسل ليست من اختراعي ، هي حقائق كتبها جورج فوشيه بعدما قابل أعمامه الثلاثة غير الأشقاء الذي كانوا أحياء وقتها .
ولكن الذين اعترضوا علي أن جمال عبد الناصر ظهر كزعيم وهو طفل صغير سواء لمشاركته في مظاهرة وعمره 12 سنة أو لبروز زعامته في المدرسة التي أصبح رئيسا لاتحاد طلابها فكلها حكايات كتبها أكثر من مؤرخ عن عبد الناصر ومنهم فوشيه .
* بعض التيارات السياسية كالإخوان مثلا قالوا إنك لم تنصفهم ؟
- اتحدي من يثبت إنني جملت عبد الناصر أو فترته فالذين هاجموا المسلسل هاجموه قبل أن يعرض لكرههم لعبد الناصر أما عن الإخوان فأحد المنتمين لهم قال أنه لم ير المسلسل لكنه سيرفع قضية علي صناعه فالهجوم لم يكن موضوعياً ولم يستند إلي أي حقائق وأعتقد كما سبق وقلت أن كل من يريد أن يفهم العمل لابد أن يعرف منظوره الأساسي فهو تصور لحلقة من حلقات صراع الغرب مع مشروع مصر النهضوي وقد اجتهدت بقدر ما استطعت وبقدر ما توفر لي من معلومات والكاتب كما سبق وقلت أيضا يكون له وجهة نظر لا تستقيم بقدر وقوفه علي الحقائق ولكن بقدرته علي تفسير التاريخ استناداً علي هذه الحقائق .
وكانت النقطة المهمة في المسلسل في رأيي أن المجموعة من الضباط الذي دخلوا الجيش لأول مرة بعد إلغاء معاهدة 1936 وهم من أبناء الشعب هم الذين ثاروا عندما كانوا في منقباد وسنهم عشرون سنة وهم أنفسهم الذين حاربوا مع عبد الناصر في حرب 1948 فقد أخذوا عهدا تحدث عنه عبد الناصر في كتاب "فلسفة الثورة" في منقباد وهم ليسوا عسكراً بالمعني المطلق ولكن منهم من مارس السياسة فعبد الناصر مر علي كل التيارات اليسارية التي كانت موجودة في مصر وجماعة مصر الفتاة وحتى الإخوان المسلمين ثم كيف قرأ وهو في الكلية الحربية كل الكتب في مكتبة الكلية في 16 شهرا فقط وكيف  ترسب في أعماقه أن حزب الوفد أصبح ضعيفا بعد انضمام كبار الملاك إليه كما أن القادة العسكريين لا يعول عليهم في إحداث التغيير كل هذا كان من الضروري إظهاره لفهم العمل ...وفي مشهد للأسف لم ينفذ في المسلسل يحاول أن يلقي الضوء علي صراعنا مع الغرب يتحدث عن اجتماع كل القوي الغربية لضرب محمد علي بعد تجربته في تحديث مصر لإجهاضها ثم ضرب تجربة الخديوي إسماعيل ثم ضرب عرابي بعد محاولته لأن يكون للإنسان المصري ولجيشه اعتبار ومحاولته الإشارة لعمل دستور حديث انتهت بالاحتلال البريطاني 1882 ثم ثورة 1919 التي كانت محاولة للتحرر السياسي والاقتصادي علي يد طلعت حرب وحركة تنوير ونهضة علي يد لطفي السيد وباقي رواد التنوير وكيف ضربت التجربة باتفاق القصر مع أحزاب الأقلية حتى جاءت ثورة يوليو ومشروعاتها فكان ضروري صدام الغرب معها لقتل تجربتها في النهوض والتحديث ... وقد سبق وتناولت هذه الحلقات من الصراع مع الغرب الأقلية في مسلسلاتي عن "النديم" وفيه كان الحديث عن مشروع عرابي ثم "هدي شعراوي" وفي هذا المسلسل كان حديثي عن تجربة ثورة 1919 ثم هذا المسلسل عن تجربة عبد الناصر .
* ولكن أين أخطاء وخطايا تجربة ناصر ؟
-  لا توجد ثورة أو حركة تغيير حقيقية إلا ولها أخطاء وخطايا تصل في أحيان كثيرة إلي حد أكلها لأولادها مثل الثورة الفرنسية ولكن أقل هذه الثورات ضررا كانت ثورة يوليو وذلك بسبب عقلية عبد الناصر التي كانت تتحاشي الصدامات التي يمكن أن تهدر التوجهات العامة للثورة.
* أعطيت لمحمد حسنين هيكل دوراً كبيراً في المسلسل علي حساب آخرين  هل هذا يرجع لأن مؤلفاته كانت مراجعك الأساسية في المسلسل؟
- علاقة عبد الناصر بهيكل تحتمل مسلسلاً وحدها مثل علاقة ناصر بعبد الحكيم عامر وعلاقة عبد الناصر بأسرته ... والحقيقة أن علاقة عبد الناصر بهيكل ليست مجرد علاقة صحفي برئيس جمهورية ويكفي أن  تري الصور التي تجمع الاثنين كما أن هيكل الصحفي الذي التقي مع توجهات ثوار يوليو والذي ارتفع شأنه كأحد أهم صحفيي العالم لا يمكن أن أتحدث عنه في المسلسل عن هوي فالرجل كانت له علاقة قوية بعبد الناصر لم يتخل عن قناعته بما فعله عبد الناصر رغم تخلي كثيرين عن قناعاتهم السابقة كما أنه حرص علي تسجيل أخطاء عبد الناصر حتى في حياة ناصر نفسه فقد انتقد مقتل شهدي عطية وكتب عن قتله ووقوفه ضد منع رواية "بنك القلق" لتوفيق الحكيم كما أن عبد الناصر كان يثق فيه ثقة كبيرة وكانوا قد التقوا في منزل اللواء محمد نجيب أثناء أزمة انتخابات نادي الضباط التي ألغي نتيجتها الملك بعدما جاءت علي غير هواه وبالمناسبة لقد أعطي المسلسل اللواء محمد نجيب حقه لأنه كان أحد أبطال حرب 1948 .
* المسلسل أيضا أعطي دوراً كبيراً لعلي أمين علي حساب مصطفي أمين رغم أن مصطفي كان هو الأكثر تداخلا سواء مع هيكل أو مع الرئيس عبد الناصر فهل هذا جاء بسبب موقف مصطفي أمين الكاره لهيكل بعكس علي أمين؟
- كان علي أمين يتحمل وجهات نظر هيكل حتى لو اختلفت عن وجهات نظره هو بعكس مصطفي أمين .
* العمل القادم عن ناصر الذي أعلنت عنه ماذا سيتناول بالتحديد ؟
- العمل سيكون بعد 1967 من حرب الاستنزاف حتى وفاته وهي فتره مليئة بقصص البطولة التي لا تقل عما حدث في حرب أكتوبر وهي فخر للجندي وللإنسان المصري وقد كان لي تجربة سابقة في مشروع فيلم عن بطل القوات المسلحة البطل "إبراهيم الرفاعي" وهو قائد أحد أهم المجموعات الفدائية في الجيش وكان سيخرجه يحيي العلمي ولكن المشروع توقف نظرا لتكلفته العالية وأحب أن أنوه بالمنتج المصري الذي تصدي لمشروع مسلسل "ناصر" رغم تكلفته العالية وهي مغامرة كان يجب أن تتصدي لها الدولة التي سبق وقدمت أعمال "جمهورية زفتي" و "هدي شعراوي" وسط تيار الأعمال التجارية السائد .
* هل شاركت أسرة الرئيس الراحل في إنتاج المسلسل ؟
- المسلسل إنتاج محمد فوزي وأسرة الرئيس ليس لها علاقة به كل ما حدث أن د. هدي عبد الناصر صححت لنا بعض الوقائع وأسماء الأقارب وأمدتنا بمواد وثائقية عن الرئيس .
* بعض الممثلين أخطأوا في نطق بعض الأسماء فأحمد أبو الفتح تحول إلي أحمد أبو الفتوح؟
- هذه أخطاء في الطباعة ولم يحرص الممثل علي تصحيحها وهي شئ بسيط يضخمه البعض الذين يكرهون المسلسل والزعيم الذي يروي قصته .
* قيل إنك لا تريد أن يخرج باسل الخطيب مشروعك القادم عن عبد الناصر ؟
- أنا لم أقل هذا بل علي العكس تماماً أنا أشكر الرجل علي المجهود الكبير الذي بذله في المسلسل وربما يكون هو مخرج العمل القادم . وعندما  نشرت بعض الصحف وبعض مواقع الانترنت هذا الخبر أرسلت لهم تكذيباً علي الفور .
 طارق سعد الدين    نشر فى جريدة القاهرة فى اكتوبر 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق