Translate

الجمعة، 15 أبريل 2011

امتثال فوزى


امتثال فوزي .. وفؤادا لشامي ..
الراقصة والبلطجي
قصة امتثال فوزي وفؤاد الشامي تكشف أبعاد دراما الراقصة والبلطجي التي تكررت كثيراً في الواقع ومازالت تتكرر وعلى مدى قرن كامل منذ ظهور الكباريهات في مصر على يد بعض الخواجات الذين افتتحوها بأموال الاحتلال كأماكن للترفيه عن ضباطهم وجنودهم .. وقد تناولت السينما المصرية هذه العلاقة في كثير من أفلامها خاصة وأن الكباريه كان ديكوراً ثابتاً في معظم الأفلام المصرية من بداياتها وحتى فترة متأخرة جداً من تاريخها ..
والراقصة  دائماً فتاة صغيرة فقيرة تدفعها الظروف إلى احتراف عرض وبيع جسدها لمن يدفع .. فهي إما هاربة من قسوة زوج الأم أو زوجة الأب أو من غياب الأب والأم .. وتضعها الظروف أمام شاب يغريها باسم الحب أو بسطوته وقوته أمام ضعفها أو تضعها الظروف أمام سيدة من تاجرات الأعراض ، ثم تنتهي في كباريه كراقصة وبمرور الوقت يتحول الضعف والاستسلام والاستكانة إلى نوع من القوة الغريبة الناتجة من قسوة الظروف المحيطة بها .. فهي لم تعد تعرف معنى كلمة الحياء أو الخجل وتفقد الشعور الغريزي للأنثى عندما تسرع إلى ستر جسدها إذا أحست أن جزءاً منه تعرى أمام رجل غريب .. وتتعلم الراقصة كيف تتعالم مع زبائنها وإلى أي حد يمكن أن تتنازل مع أي منهم .. وإذا كان هناك بعض  الزبائن الأرازل الذين يمكن أن يمدوا أيديهم عليها ففي هذه الحالة يوجد من يحميها من هؤلاء وهو غالباً بلطجي تدفع له الراقصة مقابل حمايتها في نفس الوقت الذي لا تخاف فيه نفس هذه الراقصة من أي مظهر من مظاهر قوة الرجل مهماً كانت من كثرة ما تشاهد من رجال كبار في المكانة والقوة يفقدون كل هيبتهم واحترامهم أمامها وأمام جسدها .. ومن جانبها تعتبر الكل زبائن أو كروديات يجب أن تحصل منهم على ما تريده سواء بحركة دلال أو شوية دلع أو تعرية صدر أو فخذ أو حتى بإعطائه جسدها ولكنها في النهاية تحتقرهم كلهم ولا تخافهم وربما تولدت لديها الرغبة الشديدة في الانتماء إلى رجل ضعيف يحتاج إلهيا وإلى رعايتها واهتمامها ونقودها .. لذلك سمعنا كثيراً عن راقصات شهيرات كن يتبنين الممثلين الصغار أو المطربين الناشئين أو الراقصة الشهيرة التي حاولت الانتحار بعدما تركها طالب جامعي كانت تصرف على تعليمه فلما أنهاه هجرها إلى غيرها .

البلطجي
هو شخص عاطل يحلم بالكسب السريع كل ما يملكه هو قوته ..هو ميراث من عهد الفتوات الذين كانوا يفرضون سطوتهم على الناس ويأخذون منهم مقابل حمايتهم ..والحقيقة أنهم يأخذون هذه الأموال مقابل اتقاء الناس لشرهم .. فلما انتهى عهد الفتونة..وفرضت الدولة حمايتها على الجميع وأصبح في وسع أي إنسان أن يذهب لقسم الشرطة طلباً للحماية .. ولم يجد البلطجية من يفرضون عليهم سطوتهم سوى الراقصات في الكباريهات وفتيات الليل .. والبلطجي إنسان بلا نخوة ولا ضمير .. كل ما يهمه هو الحصول على أ موال ينفقها على مزاجه الذي غالباً ما يكون مخدرات أن خمور .. وفي مجتمع الكباريهات قد ينجح البلطجي في تكوين عصابة من بلطجية أصغر منه ينفذون مشيئته ويقتسم معهم غنيمته من الإتاوات التي يفرضها على الراقصات وإلا تعرضت للضرب أو التعذيب فإذا رفضت دفع المعلوم كان نصيبها التشويه حتى تفقد رأس مالها كله .
وثنائية الراقصة والبلطجي كانت مشهور ومعروفة في مجتمع الكباريهات التي ظهرت في مصر في بدايات القرن الماضي مع وجحود عساكر الاحتلال الإنجليزي وبحثهم عن أماكن للترفيه عنهم وكان الذين يديرون هذه الكباريهات من الخواجات غالباً وكان مدربو الراقصات من اليهود مثل إيزاك ديكسون .. وبعد تركيب التروماي في مصر أصبحت الكباريهات مجالاً للترفيه عن أولاد البلد أيضاً من العمد الذين يربحون من بيع محصول القطن في البورصة ومن أثرياء الحرب الذين كسبوا ثروات طائلة نتيجة ارتفاع أسعار  السلع أيام الأزمات والحروب ومن العاملين في معسكرات جيش الاحتلال خاصة في أيام الحرب العالمية الثانية عندما احتاجت إليهم إنجلترا وأرادت في نفس الوقت كسب بعض التعاطف الشعبي مع قواتهم في قتالها ضد قوات المحور التي كانت تدق أبواب مصر في العلمين . في هذا الجو كله كانت قصة الراقصة امتثال فوزي والبلطجي فؤاد الشامي .
الراقصة والبلطجي
كانت امتثال فتاة جميلة تعيش في  الإسكندرية في بيت بقال يوناني وزوجته خياطة شهيرة وكانت امتثال تتعلم منها أصول المهنة حتى عرفت الطريق إلى أحد مقاهي الرقص في الإسكندرية  اسمه مقهى الغزاوي.. وفيه تعلمت واحترفت الرقص حتى أصبحت أشهر راقصة في الإسكندرية تنتقل من كباريه إلى آخر حسب الأجر الذي يعرضونه عليها حتى وصل سيطها إلى بديعة مصابني صاحبة أشهر كباريه في عمادا لدين والذي قيل أنها افتتحته بفلوس قوات الاحتلال للترفيه عن ضباطهم حتى أن دخول العساكر الإنجليز غليه كان محرماً .. وتعاقدت معها بديعة للعمل عندها كراقصة وسرعان ما اشتهرت بجمالها وصار لها جمهورها وزبائنها فقررت الاستقلال بنفسها وتأجير كازينو البوسفور مع زميلتها الراقصة ماري منصور لإدارته بمعرفتهما واستئجار الراقصات ليعملن لحسابهن بعدما أصبح الزبائن يأتون لاسم امتثال فوزي .. في هذه الأثناء سمع بها أشهر بلطجية شارع عماد الدين وقتها فؤاد الشامي .. كان قد بدأ حياته كبلطجي في حي الفجالة يفرض إتاوات على أصحاب البارات والذين يغشون المشروبات  الكحولية أو يقطرونها لحسابهم بعيداً عن أعين القانون الذي كان يحرم هذه العملية وكان أغلب الذين يقومون بها من اليونانيين الذين يعيشون في مصر .. واستطاع فؤاد الشامي أن يجمع حوله عصابة من البلطجية بعدما افتتح صالة ألعاب رياضية وحمل أثقال وكون من زبائنها عصابته التي أثارت الرعب في قلوب أصحاب البارات ومعامل تقطير الخمور في الفجالة وعندما توسع نشاطه وكبرت سطوته ونفوذه قرر الانتقال إلى صالات شارع عماد الدين لينافس العصابات التي تفرض إتاوات على أصحاب هذه الصالات والكباريهات وعلى الراقصات اللاتي يعملن فيها .. وكان البوليس المصري لا يستطيع أن يتعامل مع هذه العصابات نظراً لتمتع أصحابها بالحماية الأجنبية في ذلك الوقت .
ويسمع فؤاد الشامي عن امتثال فوزي وجمالها فذهب إليها يطلب ودها فرفضته فطلب منها الإتاوة فرفضت فقرر الانتقام منها حتى لا يفقد هيبته ويفقد باقي الإتاوات التي يحصل عليها من باقي الراقصات وأصحاب الكباريهات فكان منه أن اتفق مع عصابته على تأديبها ولكن المشاجرة ت طورت لتنتهي برقبة زجاجة تنغرس في رقبتها وتموت ويقضي فؤاد الشامي عمره في السجن ليخرج منه كهلاً محطماً ويفتتح كشكاً لبيع السجائر والحلويات حتى يموت ..
وقد ظهرت  قصة امتثال فوزي في فيلم سينمائي كتبه ممدوح الليثي سنة 1972 وأخرجه حسن الإمام وقامت ببطولته ماجدة الخطيب .
طارق سعد الدين







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق