Translate

السبت، 23 أبريل 2011

فتنة المسلسلات الايرانيه فى الشارع العربى


                           


السنه يعترضون على ظهور الانبياء فيها والمسيحيون يعتبرونها اهانة لمعتقداتهم
فتنة المسلسلات الايرانيه فى الشارع العربى

*الشيعة يعيدون تمثيل مأساة قتل الحسين كل عاشوراء احساسا منهم بالذنب تجاهه.
*التعازى ظهرت فى بلاد فارس لانهم ضمنوا مأساة الحسين اطماعهم السياسية والقومية واعتبارهم الحسين احد افراد امتهم لانه زوج( شهرابانو) ابنة الملك الساسانى يزدجرد.
 *الملك فؤاد يهدد يوسف وهبى بالنفى وسحب الجنسية المصرية اذا فكر فى اداء شخصية الرسول.
*مسلسل (يوسف الصديق)الايرانى لايخالف النص القرآنى لقصة سيدنا يوسف ولكنه يزيد عليها بعض الاسرائيليات والقصص التوراتيه.
*محامون تونسيون يطلبون من مفتى تونس منع عرض المسلسلات الدينيه الايرانية على القنوات التونسيه حتى لاتصبح سيرة الا نبياء على السنة العامة مثل احاديثهم فى مسائل الرياضة والفن.
*الكنيسة المارونية تعترض على مسلسل (المسيح)الايرانى لانه يهين المسيحية والمسيح وشيعة لبنان يوقفون عرضه على فضائياتهم مراعاة للحساسيات.
* د. عبد القادر حاتم يلغى افتتاح  مسرحية "ثأرالله" خوفًا من حدوث فتنة بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي.




فى ظل الصراع المذهبى بين السنه والشيعه المتأصل فى منطقة الشرق الاوسط والذى زادت حدته بعد الغزو الامريكى للعراق فى عام 2003,وظهور احلاف واصطفافات بين دول مثل سوريا وجماعات واحزاب فى كل من العراق ولبنان وفلسطين مع ايران الدولة الشيعيه الكبرى فى المنطقة فيما سمى سياسيا بتيار الممانعة,و الذى يرفض الحلول التفاوضيه فى الصراع العربى الاسرائيلى فى مواجهة ما يعرف بتيار الاعتدال والذى يضم مصر والسعوديه الدولتين السنيتين والاردن والتيار الفتحاوي الفلسطينى والمدعومين من الولايات المتحده واوربا.
فى ظل ذلك كله ظهرت الدراما الدينيه الايرانية التى تتناول قصص الانبياء
لتلقى احجارا فى بحيرة الدراما الدينيه السنية الآسنه, وفى بحيرة الصراع المذهبى السنى الشيعى الملتهب من الاساس, ودخلت على الخط هذا العام القوي المسيحيه الللبنانيه المتهمه بموالاة الغرب والتى لاتريد لحزب الله الاستئثار بالقوة المسلحه بعيدا عن سيطرة الدولة والجيش.وسط ذلك كله جاءت ردود الافعال على الدراما الدينية الايرانيه , خليطا من المواقف الدينية والسياسية قبل الاستناد الى قواعد النقد الفنى للعمل الدرامى.
ولكن قبل استعراض الاعمال الدراميه الدينيه الايرانيه وما احدثته من ردود افعال فى المجتمعات السنيه العربيه , والمسيحيه اللبنانية ,يجب علينا تفهم النظره الشيعيه للدراما وتشخيص قصص الانبياء وآل البيت واهميته فى الدعوة للتشيع وكيف ولدت هذه الدراما الاسلاميه . وفى المقابل كيف ينظر السنه للدراما التى تصور حياة الانبياء والرسل وآل البيت وكبار الصحابه.
فى رسالته التى حصل بها على درجة الدكتوراه مع درجة الشرف من جامعة السوربون والتى ترجمها للغة العربية الدكتور رفيق الصبان بعنوان (المسرح فى الاسلام) يقول محمد عزيزه"ان التعازى الشيعيه التى ظهرت فى القرن السابع الميلادى هى التى اعطت الاسلام الشكل الدرامى الوحيد الذى يعرفه, ففى الايام التى تسبق اول محرم ,فى الجوامع والتكيات (الشيعية),فى الساحات العامه وفى بعض المنازل الخاصة , ومن على المنابر تقف شخصيات دينية مدعوة يطلق عليها(الروزى كان) لتروى احداث بطولة الحسين بن على ومناقبه, كانوا يسردون المديح ثم يضمنونه حوادث تفسيريه والنتيجة كانت مزيجا من الرثاء والرواية والمواعظ.
الى جانب (الروزى كان)يوجد مساعد اسمه(بامبركان)اى المغنى على قاعدة المنبر وهو شخص يبقى بجوار المنبر ويحاور الروزى كان,ثم يوجد (النوح كان)وهم مجموعة من البكائين الذين يتجاوبون مع سرد الروزى كان.
ومنذ اول محرم وحتى ظهر عاشوراء تقام المسيرات الدينية العنيفة التى تجوب مدينة كربلاء فى حالة توتر دائم وهى تحوى رقصات تسمى (سيدزن,زندزن) ورجال يضربون انفسهم بالسياط واشخاص متنكرين فى شكل امام يمتطى صهوة جوادة والدم ينزف منه بغزارة ,وفى اليوم العاشر من المحرم يمثل المشهد الملقب بالتعازى.
ومسرحيات التعازى كتبها مؤلفون مجهولون ويتم تمثيلها فى الساحات العامه وفى الهواء الطلق او فى التكية ,ويدوم العرض ساعات متوالية ويتم فيها اعادة تمثيل مأساة كربلاء والآم السيد الحسين رضى الله عنه والآم باقى آل البيت الذين كانوا معه.
وتتلخص الموضوعات التى تعالجها التعازى بداية من موت النبى (ص)دون اى نص مكتوب يحدد من يخلفه فينقسم المسلمون الى فئتين الاولى تطالب ببقاء الخلافة فى عائلة النبى ويرون فى على ابن ابى طالب الخليفة الطبيعى للرسول,والفئة الثانيه الذين يرون ان الخلافة يجب ان تتم عن طريق الانتخاب ,وقد فازت الفئة الثانية  وجاء ابوبكر الصديق اول خليفة فى الاسلام,وقد سلم الخلافة بدوره الى عمر بن الخطاب الذى قتل على يد رجل ايرانى يدعى (ابو لؤلؤة فيروز),واختير عثمان بن عفان للخلافة وقد رفضت شيعة على هذا الاختيار وولدت الفتنة الكبرى ,وبعدفترة من العراك والخلافات الشديدة قتل عثمان على يد مجموعة من الثائرين ,ووصلت الخلافة الى على,واتهم معاوية على بقتل عثمان وقام بثورة ضده وقتل على فى احد مساجد الكوفة,فأصبح الطريق مفتوحاامام معاويه فسمى نفسه الخليفة واخذ البيعة لابنه يزيد فأصبحت الخلافة وراثيه فى اسرة معاويه وليس فى آل البيت كما كان يريد شيعة على,وعندما اصبح يزيد بن معاويه حاكما لدمشق عام 680ميلادية ارسل المبعوثين الى كافة الولاه طالبا للبيعة ,وقد قبل بذلك اغلب الولاة ,ولكن عندما وصلت الرسل الى المدينه حيث يقيم اولاد على الحسن والحسين آثر الحسين الذهاب الى مكه كى يتجنب المبايعة تاركا اخاه الحسن وحيدا متعبا.
فى هذه الاثناء كانت الحركة الشيعية اشتدت وارسلت الرسل تباعا الى الحسين تدعوه الى الكوفه ولكن عيون يزيد كانوا يبلغونه مايحدث ,فكلف حاكم الكوفة بن عبيد الله بن زياد بأن يمنع وصول الحسين الى الكوفه بأى ثمن فأرسل فيلقا من الجيش الاموى بقيادة الحر لملاقة الحسين ولكنه بدلا من محاربته انضم اليه , وعندما وصلت الاخبار الى الحسين ان اهل الكوفة منقسمون حوله و لم يعودوا على تأييدهم المطلق له ,قرر عدم الذهاب الى الكوفة  واتجه الى الشمال عن طريق الفرات, عند ذلك ارسل يزيد جيشا من اربعة الاف رجل بقيادة شمر بن ذى الجوشن للقضاء على الحسين ورجاله ,وقطع الجيش الطريق الى الفرات عن الحسين واتباعه وزادت حرارة الجو من عطش الاطفال, حاول العباس شقيق الحسين اختراق الحصار والوصول للماء ولكنه فقد كلتا يديه ومات متأثرا بجراحه ,وفى صباح يوم العاشر من المحرم فى العاشر من اكتوبر عام 680م نشبت المعركة التى انتهت بذبح كل انصار الحسين وقطع رأس الحسين نفسه , واخذت النساء والاطفال اسرى الى دمشق  وقد حملت كل رؤوس شهداء كربلاء على الرماح ومن يومها لم تكف التعازى عن اعادة  تمثيل مأساة كربلاء والآم الحسين.
ويفسر الباحث محمد عزيزة ميلاد هذا النوع من المسرح لسببين اولهما دينى والثانى سياسى اما الاول فهو احساس الشيعة بالندم العميق والذنب لانهم مسئولين عن مصرع على ثم الحسين ,كما وان التاريخ فقد من وجهة نظرهم براءته وتلوث الميثاق الذى يربط بين الله وعباده بدم على والحسين لذلك يجب عليهم تنظيف التاريخ من نتائج الخطأ حتى يبعث الله الامام المختفى من جديد وينقذ العالم.
اما السبب السياسي فهو ان التعازي نشأت فى بلاد فارس, وهم لم يروا فى حياة وموت الحسين قدرا مأساويا فقط بل ضمنوا سيرة حياته اطماعهم الساسية والقومية المكبوته, فالحسين بالنسبة لهم ليس مجرد ابن على ولكنه ايضا زوج (شهربانو) آخر بنات الملك الساسانى يزدجرد وهذا يجعل الحسين واحدا من الامة الفارسية.
الدراما السنيه والمسيحية
وحتى نفهم الفرق بين نظرة كل من الشيعة والسنه والمسيحيين لظهور الانبياء فى الاعمال الدراميه نقرأ ما كتبه عبد الحميد جوده السحار في مجلة الهلال عدد ديسمبر 1970فى مقال عنوانه"لماذا لا تظهر قصص القرآن في السينما والمسرح؟! " قال فيه:تختلف القصة في القرآن عنها في التوراة اختلافًا كبيرًا .. فالتوراة تسرد في تفاصيل وتتابع قصص الأنبياء ودور المرأة في حياتهم والصراع بين قوى الخير والشر، وقصة كل نبي تبدأ غالبًا بمولده وتنتهي بوفاته وتروي ما كان من أحداث بين البداية والنهاية، ولما كانت تلك القصص تهتم برواية أفعال الأنبياء فقد أطلق على أسفار العهد القديم أسماء الأنبياء أو من قاموا بخدمات جليلة لإسرائيل مثل إستير ونحميًا ودانيال.
أما القصة في القرآن فلا تقصد لذاتها بل للعبرة، لذلك لا توجد في القرآن الكريم قصة نبي كاملة في سورة واحدة إلا قصة يوسف عليه السلام.
وقد أخرجت السينما العالمية كل قصص أنبياء التوراة على الشاشة وإخراج أفلام من الكتاب المقدس لا يثير لغطًا في الخارج، فقد اعتاد المؤمنون اليهود والمسيحيون أن يروا قصص التوراة والإنجيل مصورة وأن تصنع التماثيل للأنبياء جميعًا وإن كانت صناعة تماثيل الأنبياء محرمة في الديانة اليهودية .. صور الأنبياء في كل مكان في الفاتيكان وفي الكنائس المنتشرة في الشرق والغرب، بل هناك في الفاتيكان صورة للرب وهو يعطي نسمة الحياة لآدم .. فظهور الأنبياء على الشاشة لا يؤذي شعورهم الديني، أما في الدول الإسلامية فالأمر على نقيض ذلك .. فالتماثيل حرمت في الإسلام خشية الارتداد إلى الوثنية ولم يحاول الفنانون المسلمون أن يتخيلوا صورًا للأنبياء اللهم إلا في إيران، هناك صور متخيلة للنبي محمد صلي الله عليه وسلم .. أن فكرة ظهور الأنبياء على شاشة السينما تثير النفوس وتحرك مراجل الغضب.
يوسف وهبى و النبي
كان الصدام الأول بين الأزهر والسينما قبل ظهور أول فيلم سينمائي مصري "ليلى" سنة 1927 وقد كتب يوسف وهبي قصة هذا الصدام في مذكراته وقال "زارني بمسرح رمسيس الأستاذ الأديب التركي وداد عرفي وقدم لي سيدًا باسم الدكتور محروس، وأفهمني أنه رسول عاهل تركيا الرئيس أتاتورك ومستشاره الخاص وجنسيته ألمانية، ويمثل مؤسسة سينمائية ألمانية مشهورة، وقد نال موافقة رئيس الجمهورية التركية على إنتاج فيلم إسلامي ضخم كدعاية مشرفة للدين الإسلامي الحنيف وعظمته وسمو تعاليمه .. تشارك في نفقته الحكومة التركية باسم "محمد رسول الله"، وقد أعد النص وصرحت بتصويره لجنة من كبار علماء الإسلام في أسطنبول ويظهر في الفيلم النبي محمد عليه السلام وتصور مناظره الخارجية في صحراء السعودية.
وأفهموا يوسف وهبي أن هناك ممثلين عالميين مرشحيين للفيلم وأن عليه أن يرسم شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض الصور الفوتوغرافية وبتعبيرات مختلفة حتى يشارك في مسابقة اختيار الأبطال، وبالفعل تم اختيار يوسف وهبي للشخصية ويقول في مذكراته "كان أول واجب على أن استشير بعض علماء الدين وقد جوزيت على قلة إدراكي جزاءًا صارمًا، فقد ثار السادة رجال الأزهر .. وثار معهم الرأي العام .. ظهرت في الصحف فتوى من شيخ الأزهر أساسها أن الدين يحرم تحريمًا باتًا تصوير الأنبياء والرسل ورجال الصحابة رضي الله عنهم، وبعث إلى الملك فؤاد تحذيرًا قاسيًا مهددًا إياي بالنفي وحرماني من الجنسية المصرية .. ودفعت في أزمة خطيرة كادت تعصف بي .. ولا مخرج منها إلا بإلغاء التعاقد على بطولة الفيلم والاعتذار عن خطأ ارتكبته بحسن نية".
ولعل هذا الصدام الكبير هو الذي جعل السينما المصرية تبتعد تمامًا عن الموضوعات الدينية لمدة تصل إلى ربع قرن من بدايتها، حتى ظهر أول فيلم ديني وهو "ظهور الإسلام" لإبراهيم عز الدين سنة 1951 عن قصة "الوعد الحق" للدكتور طه حسين وهو الفيلم الذي حقق لمنتجه ومخرجه ثروة جعلته يعتزل العمل السينمائي بشكل نهائي .. ثم ظهر فيلم "انتصار الإسلام" 1951 .. ثم "بلال مؤذن الرسول" لأحمد الطوخي 1953 .. "السيد أحمد البدوي" لبهاء شرف الدين 1954 .. "بيت الله الحرام" 1957 .. "خالد بن الوليد" 1958 لحسين صدقي .. "الله أكبر" لإبراهيم السيد 1959 "شهيدة الحب الإلهي" لعباس كامل 1962 .. "رابعة العدوية" لنيازي مصطفى 1963 "هجرة الرسول" لإبراهيم عمارة 1964 .. "فجر الإسلام" لصلاح أبو سيف 1971 .. "الشيماء أخت الرسول" لحسام الدين مصطفى 1973.
الحسين على المسرح !
جاء الصدام الثاني بين الأزهر والدراما الدينية في عام 1970 عندما تقدم عبد الرحمن الشرقاوي إلى رقابة المصنفات الفنية وللأزهر بطلب لإجازة مسرحيته "ثأر الله" والتي جمع فيها مسرحيتيه "الحسين ثائرًا" .. و "الحسين شهيدًا" .. وقد وافقت الرقابة مبدئيًا واشترطت موافقة الأزهر على النص، قبل موافقتها النهائية وفي البداية طلبت إدارة البحوث بالأزهر بعض التعديلات .. اشترطت عدم ظهور كل من سيدنا الحسين والسيدة زينب بشخصياتهما على المسرح واستبدالهما براو وراوية خاصة وأن بعض الأخبار الصحفية كانت قد روجت أن عبد الله غيث وسميحة أيوب سيقومان بشخصيتي الحسين والسيدة زينب، مما استلزم توقيع المؤلف على تعهد للأزهر بعدم ظهور شخصيتهما على المسرح .. وبدأ المخرج كرم مطاوع إجراء البروفات حتى وصل للبروفات النهائية والتي حضر فيها بعض الجمهور بعد تمام التجهيزات والديكورات والملابس والإكسسوار والتي كلفت المسرح القومي عشرة آلاف جنيه بأسعار ذلك الزمان .. وقبل ليلة الافتتاح صدر قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة والإعلام عبد القادر حاتم بإلغاء عرض المسرحية بناء على خطاب وصله من وزير الأوقاف وشئون الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود يطالبه بذلك لأن المسرحية تتناول شخصية الحسين في إطار مسرحي قد يجنح إلى المغالاة في إبراز جوانب من حياته واستشهاده مما يؤخذ على أنه إرضاء لمشاعر الشيعة، ولا يقع في نفس الوقت موقع القبول من أهل السنة أو يذهب إلى النقيض مما قد يغضب الشيعة ويثير موجدتهم، وليس من صالح جمهورية مصر العربية أن ينسب إليها ولوطننا فتح هذا الباب من أبوب الخلاف على جماعة المسلمين رعاية لمركزها الإسلامي المرموق باعتبارها معقل الأزهر الشريف.
أزمة الرسالة
بدأت أزمة فيلم الرسالة حتى قبل أن يكتبه صاحبه عبد الحميد جودة السحار عندما نشرت إحدى الصحف المصرية خبرًا عام 1970 يقول :  إن عبد الحميد جودة السحار وضع قصة فيلم سينمائي عالمي بعنوان "محمد رسول الله" وألمحت أن ممثلاً عالميًا سيقوم بدور الرسول عليه الصلاة والسلام وكانت النتيجة هي سيل من الاحتجاجات على كل من وزارة الخارجية والأزهر، يستنكر الأمر حتى إن عبد الحميد جودة السحار علق بأن احتجاج إحدى الدول الإسلامية كان يفوق احتجاجها على ضياع القدس.
وعندما رأي الفيلم النور في عام 1976 وكانت ثلاث دول هي المغرب وليبيا والكويت قد تعاونت مع المخرج الأمريكي الجنسية السوري الأصل مصطفى العقاد في الإنتاج، والغرض من الفيلم هو إبراز وتقديم الإسلام وقيمة الصحيحة للغرب من خلال استعراض الفترة منذ بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم وحتى وفاته، وعند محاولة عرض الفيلم في مصر ثارت الدنيا كلها .. الأزهر والرقابة فرغم أن الفيلم لم يظهر الرسول أو الخلفاء الراشدين إلا أن حمزة عم الرسول ظهر وقام بدوره عبد الله غيث فكان أن أتخذ مجمع البحوث الإسلامية قراره بحظر تمثيل شخصيات الأنبياء وآل البيت والخلفاء الراشدين وزاد عليهم العشرة المبشرين بالجنة، ورغم محاولات المثقفين لإجازة عرض الفيلم إلا أن وزير الثقافة وقتها أصدر قراره رقم 2002 لسنة 1976 بشأن القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية وحدد فيه المسموح والممنوع وكان من بين الممنوع إظهار صورة الرسول صلي الله عليه وسلم صراحة أو رمز أو صور أحد الخلفاء الراشدين وأهل البيت، أو سماع صوت أي منهم وكذلك العشرة المبشرين بالجنة.
وبعد سنوات طويلة وبعد انتشار أجهزة الفيديو المنزلي انتشر الفيلم وأصبح عرضه بعد ذلك على القنوات الفضائية شيئًا عاديًا.
دراما تليفزيونية مصرية
في فترة السبعينات نجح المخرج أحمد طنطاوي في تقديم مسلسله "محمد رسول الله" وفيه تاريخ الأنبياء والمرسلين بداية من أدم وأبنائه قابيل وهابيل مرورًا بسيدنا إبراهيم ثم سيدنا موسى والتزمت الحلقات بكل التعليمات الرقابية فلم يظهر الأنبياء واستعيض عنهم بالرواة .. ولضعف إمكانيات الإنتاج كان المخرج يستعين بلقطات سينمائية من الأفلام الأمريكية تظهر الجموع والحروب ومعجزة شق مياه البحر الأحمر على يد سيدنا موسى ورغم ضعف التناول وبدائيته وفقر الإنتاج إلا أن المسلسل لاقى نجاحًا جماهيريًا كبيرًا شجع مخرجين آخرين بعد أحمد طنطاوي مثل أحمد توفيق وكتاب آخرين بعد أمينة الصاوي مثل عبد السلام أمين ود. بهاء الدين إبراهيم في ارتياد مجال الدراما الدينية التي ابتعدت عن سير الأنبياء والرسل وأصبحت تدور حول بعض الشخصيات الإسلامية البارزة مثل عمر بن عبد العزيز والإمام النسائي وصولاً إلى الشيخ الشعراوي.
ثوب معاصر !
ثم في فترة الثمانينات وبدايات التسعينات حاول ثروت أباظة التغلب على محاذير ظهور الأنبياء في الأعمال الدرامية عن طريق نقل قصص حياتهم إلى أعمال درامية عصرية بحيث تكون الشخصيات والأحداث تدور في الوقت الحالي بينما الحدوتة بكل أحداثها وشخوصها مستوحاة من القصص القرآني فكانت مسلسلاته "طارق من السماء" "الغفران" "خشوع" "بريق من السحاب" .. وكانت وجه نظرة أنه يحاول إيجاد أشخاص يترسمون خطي الأنبياء كبشر وليس كمرسلين ويجعلونهم مثل عليا في الحياة .. ولكن هذه الطريقة في محاولة عصرنه القصص القرآني والديني لم تكن ناجحة لأن كثيرًا من تصرفات الشخصيات والتي تمت بوحي أو أمر الهى كان من الصعب تفسيرها في إطار سلوك وتصرفات البشر العاديين، وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه مصطفى محرم كاتب سيناريوهات مسلسلات ثروت أباظة المستوحاة من القصص القرآني عندما كتب مسلسل "العطار والسبع بنات" مستوحيًا قصة سيدنا إبراهيم وزوجتيه سارة وهاجر، وأبنائه، حيث لم يستطع أن يفسر دراميًا تصرفات الأب في ترك زوجته الثانية وابنه منها في مكان ناء بعيد .. وخضوعه الشديد لرغبات زوجته الأولى حتى أنه يظلم ابنه من الثانية ويحرمه من الميراث رغم أن الاب تقي وورع.
بشكل عام هذه التجربة في إكساب القصص الديني خاصة سير الأنبياء ثوبًا عصريًا فشلت فشلاً ذريعًا سواء عند ثروت أباظة أو مصطفى محرم والاستثناء الوحيد منها هو استلهام مصطفى محرم للجزء الأول من حياة الحاج متولي في مسلسل "عائلة الحاج متولي" من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم .. حيث تزوج من أرملة تكبره في السن ويتاجر بأموالها ويحبها ولا يتزوج عليها حتى وفاتها ثم الزواج من أكثر من واحدة بعد ذلك .. وهو تسطيح شديد للسيرة العطرة وبعيد كل البعد حتى عن محاولة استلهام بعض دروسها أو جعلها قدوة تحتذي فقد أخذ الحدوتة المجردة ونسج عليها شيئًا أخر لا علاقة له بها ولا بحياة صاحبها.
فتاوى التحريم
وقد توقف الانتاج الدرامى للاعمال الدينيه التى تتناول حياة الانبياء والصحابه من قبل جهات الانتاج فى الدول الاسلاميه العربية بعد صدور عدة فتاوي من قبل مؤسسات لها وزنها واحترامها مثل لجنة الفتوى يالازهر الشريف والتى نشرتها فى( مجلة الازهر) فى عددها الصادر فى شهر رجب عام 1374هجريه  والتى جاء فيها (ان من قصص الانبياء ما لايستطاع تشخيصه وان مايستطاع تشخيصه من قصصهم فهو تنقيص لهم وازدراء بهم وحط من مقامهم وانتهاك لحرماتهم وحرمات الله الذى اختارهم لرسالته واصطفاهم لدعوته),
كما صدر قرار رابطة العالم الاسلامى المنشور فى( مجلة البحوث الاسلاميه:1 /88)فى حكم تمثيل اصحاب الرسول(ص) بما نصه:"وكما يحرم ذلك فى حق الرسول (ص) يحرم تمثيل الصحابة الاكرمين رضى الله عنهم اجمعين باتفاق اهل
العلم لشرفهم بالصحبه العظيمه, واختصاصهم بها دون من عداهم من الناس , ولكرامتهم عند الله تعالى وثنائه عليهم , فهم احقاء اجماعا بالتكريم والتعظيم والتوقير , ولذلك اجمع اهل العلم على حرمة تصويرهم فى الافلام او على المسارح لما فيه منة المنافاة الصارخة لكل ذلك".
ولأن تعريف الصحابي إنه كل من جلس إلى الرسول أو تحدث إليه أو صافحه من المسلمين وهؤلاء يزيد عددهم عن الألفين وبالتالي كان هذا القرار يعني نهاية إنتاج وتقديم أي أعمال درامية دينية تتناول فترة صدر الإسلام .. اللهم إلا إذا كانت كل شخصيات مثل هذه الأعمال من الكفار فقط.
كان القرار ردة على كل التراث الدرامي السينمائي والتليفزيوني الذي قدم فترة صدر الإسلام.
وقد تراجع الازهر عن هذه الفتوى بعد الانتقادات التى وجهت اليها من بعض الازهريين ,والذين شارك بعضهم فى صياغة الفتوى القديمه التى تقصر منع الظهور على الانبياء وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة.
ردان على المعترضين
المرحوم د. أحمد شلبي أستاذ التاريخ الإسلامي وهو الذي راجع سيناريو فيلم "الرسالة" قال وقتها معلقا على القرار :" إننا في هذا العصر لا يجب أن نغفل أهمية الدراما التي تجذب الملايين أكثر مما يجذب الكتاب، وإذا كانت حجة الذين أصدروا القرار خوفهم من أن الممثل الذي سيؤدي شخصية كشخصية عمر بن الخطاب يمكن أن يؤدي بعدها شخصية رجل خليع فهناك إجابتان على ذلك، الأولى سمعتها من كثير من الفنانين وهي أنهم مستعدون للتخصص في الأعمال الإسلامية فقط.
والثانية يقول بها بعض المفكرين وهي أن الإنسان الذي سيمثل شخصية عمر بن الخطاب سنحاسبه عن موقفه من عمر وليس لنا دخل إذا مثل شخصية أخرى، لأن هذا الموضوع أخر لم يمس عمر من قريب أو بعيد".
وكانت وجهة نظر د. أحمد شلبي أن الدراما يجب أن تبرز كل المواقف والشخصيات الإسلامية المضيئة كنماذج وقدوة والشخصية الوحيدة التي لا يجب أن تقترب منها الدراما هي شخصية الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم لأنه يوحي إليه وهو يتصرف بهذا الوحي الذي لا نراه ولكنه يراه ويسمعه، لذلك لا نستطيع أن نأتي بشخص ليمثل شخصيته ولمزيد من التقدير والإجلال لشخصه الكريم لا نوافق على ظهوره في الأعمال الدرامية والتحق به أسرته لنفس السبب.
الدراما الشيعية
    وسط التشدد والرفض  السنى فى مسألة ظهور بعض الشخصيات الدينية فى الاعمال الدراميه, افتى بعض كبار المراجع الدينية الشيعة بأن دعوة كل البشر الى معرفة حقيقة الظلم الذى وقع على آل البيت وشيعتهم عبر التاريخ بكل الطرق والوسائل بما فيها الخطابة والكتابة والبرامج التليفزيونيه والافلام والمسلسلات واجب على كل شيعى.
 مع انتشار القنوات الفضائيه الشيعيه سواء الدينيه الخالصة مثل( الزهراء ) ,(اهل البيت),(كربلاء),(الدعاه),(المهدى),(الموده),(الانوار) او القنوات العامة التى تعبر عن طائفه شيعية مثل (المنار)اللبنانية المملوكه لحزب الله و (ان بى ان  )التابعة لنبيه برى رئيس مجلس النواب اللبنانى ورئيس حركة امل الشيعية,وقناة (الكوثر)الايرانية الناطقة بالعربية أصبح عرض مثل هذا النوع من المسلسلات وانتشارها ميسورا,وقد ظهرت على بعض هذه القنوات مسلسلات ايرانيه مدبلجة الى الغة العربيه كان اشهرها (مريم المقدسة) والذى يحكى قصة السيدة العذراء من وجهة نظر قرآنية ثم كان العام الماضى مسلسل (يوسف الصديق)والذى حكى قصة نبى الله يوسف ,وقد رأى الباحث السورى د.رفيق حسن الحليمى فى مقاله المنشور فى مجلة (الوعى الاسلامى )الكويتية العدد536 الصادر فى ابريل   2010 :ان المسلسل لم يخالف النص القرآنى كما وردت فيه قصة سيدنا يوسف وبالذات فى خطوطها الرئيسية ولكنه خرج عما جاء فيها بزيادات وتحويرات كثيرة مصدرها اما التوراة او التلمود(وهوالكتاب الثانى عند اليهود ويعد تفسيرا وشرحا للتوراة) مثل اعادة يوسف الشباب والبصر الى زليخة زوجة العزيز  بعدما طعنت فى السن وهذا لم يرد فى القرآن او التوراة,كذلك زواج يوسف منها وان الله اوحى له بذلك وهو مالم يرد فى القرآن او التوراة ولكنه ورد فى بعض تفاسير القرآن التى قد يكون المصدر فيها بعض اليهود الذين اسلموا ومصدرهم فى ذلك التلمود ,الى جانب اخطاء تاريخية اخرى مثل استخدام كلمتى( عبرى) و(يهودى) على السنة الشخصيات لوصف انبياء الله يوسف وابراهيم وهى مغالطة تاريخية يحرص عليها الباحثين اليهود لتكوين سلسلة نسب لاتنقطع على انبيائهم بداية من ابراهيم عليه السلام رغم ان كلمة عبرى دخلت التاريخ لاول مره عند خروج موسي عليه السلام من مصر مع بنى اسرائيل وتيههم فى سيناء اى بعد عصر ابراهيم ويعقوب ويوسف وقد اكتسب بنو اسرائيل هذا الاسم بعد اختلاطهم ببدو سيناء الذين كان يطلق عليهم (العبيرو )او(الخبيرو)تمييزا لهم عن العرب,اما كلمة يهودى فلم تعرف الابعد قيام مملكة يهوذا اى بعدعصر موسى وهارون.
وقد تنبه بعض الازهريين الى ان هذا النوع الجديد من الدراما الذى يظهر فيه الانبياء وربما يظهر فيه الخلفاء الراشدون_ وبعض الفرق الشيعية لهل أرآء سلبية فيهم تصل احيانا الى حد سبهم_ تحتاج الى ان يراجع الازهر مواقفه الفقهية السابقه  لظهورهم فى الدراما , فكانت الدعوة الى مناقشة بعض الابحاث المقدمة فى الموضوع فى المؤتمر الدولى لمجمع البحوث الاسلامية فى فبراير2010 الماضى , وقد انتهى المؤتمر الى نفس الموقف القديم للازهر الذى يمنع ظهور الانبياء وآل البيت والخلفاء الراشدين و العشرة المبشرين بالجنة.
ثورة مسيحية سنية
ومع بدء ايام شهر رمضان الحالى بدأت قنوات (المنار),(ان بى ان) اللبنانيتين الشيعيتين فى بث احدث انتاج درامى دينى ايرانى مدبلج للعربية مسلسل (المسيح) ولكن القس بشاره الراعى طالب بوقف بث الحلقات لان “هناك تحريف في المسلسل لشخص المسيح والمسيحية، وهناك بلبلة للضمائر وافساد للحقائق”. وقال الراعي الذي يرأس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام في الكنيسة المارونية في حديث الى صحيفة “السفير” ان “المسلسل ينكر ان المسيح هو اله وابن الله” و”يفيد ان المسيح لم يصلب وان المصلوب هو يهوذا، وبهذا لا يكون هناك قيامة”.
ورأى في ذلك “انكارا لاسس الدين المسيحي وفكرة الخلاص”. ويؤمن المسيحيون بان يسوع المسيح هو ابن الله، وبانه صلب ويقوم من بين الاموات ويقوم معه جميع الموتى. بينما يؤمن المسلمون بان يسوع او عيسى هو نبي مرسل من الله.وجاء في بيان قناتي “المنار” و”ان بي ان” ان المسلسل “يضيء على الشخصية العظيمة لنبي الله عيسى بن مريم عليه السلام وعلى رسالته الالهية ويعكس بكل تمجيد واجلال وتعظيم مسيرة حياته وآلامه وتضحياته ولدوره وصورته”.
وقال مدير عام قناة “ان بي ان” قاسم سويد لوكالة فرانس برس “توقفنا عند الملاحظات التي ادلى بها مسؤولون يتحدثون باسم الكنيسة المارونية والتي هي مهمة جدا في نظرهم”.
واضاف “اننا نحترم الكنيسة المارونية ونجلها، وتجاوبنا مع الملاحظات حتى لا يقدم احد ما على استغلال الامر سلبيا”. واكد ان بث البرنامج الذي بدأ مع بداية “شهر رمضان المبارك ليس توقيتا دينيا”، مشيرا الى ان المقصود “كان اعطاء قيمة للسيد المسيح، النبي عيسى بن مريم”. واصدرت قناتا “المنار” و”ان بي ان” بيانا مشتركا اعلنتا فيه وقف عرض المسلسل “مراعاة منهما لبعض الحساسيات، وللحؤول دون اي محاولة للتوظيف السلبي”.
 وفى تونس طالب محامون من السلطات الدينية في تونس، منع بث مسلسلات ايرانية ستعرض خلال شهر رمضان الحالي على قناتي تونسيتين خاصتين، مؤكدين أنها "مسا من مقام الأنبياء".
وبعث المحامون برسالة إلى مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ قالوا فيها ان قناتى "حنابعل",و"نسمه" الفضائيتين سوف تعرضان مسلسلات (يوسف الصديق) و(مريم المقدسة) وهى اعمال تجسد فيها شخصيات انبياء الله يوسف ويعقوب وزكريا عليهم الصلاة والسلام وأشار المحامون التونسيون إلى "ان هذه الأعمال التلفزيونية من إنتاج إيراني وترتكز على فتاوى الشيعة التي تجيز تجسيد الأنبياء، في حين ان أهل السنة لا يجوزون ذلك".
مطالبين مفتي الجمهورية التونسية بـ"التدخل أمام هذا الانتهاك الخطير لعرض الأنبياء، وصونا لركن من أركان الإيمان وحتى لا يصل الحال إلى تمييع مكانتهم وجعلها حديث العامة كحديثهم في سائر المسائل الفنية والرياضية".


















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق