Translate

السبت، 23 أبريل 2011

ليلة ساخنة حرقت قلبى!


ليلة ساخنة حرقت قلبى!

عندما تلتقى أسماء عاطف الطيب ونور الشريف وبشير الديك يتبادر إلى الذهن فورا اسم (سواق الاتوبيس) الذى كان ميلادا للمخرخ والسيناريست وإعادة اكتشاف لنور الشريف .. ورغم كثرة لقاءات نور الشريف وعاطف الطيب إلا أن اللقاء الأول كان هو الأقوى والأنضج والأنجح فنيا وجماهيريا .. وطوال فترة عرض فيليمهما الجديد ( ليلة ساخنة ) لم أستطع أن أبعد عن ذهني (سواق الأتوبيس) ربما لأن مستوى الفيلم الجديد بموضوعه ولغته أعاد إلى ذكريات الفيلم القديم .. فالفيلم الأول كان شهادة على نهاية حقبة مهمة في تاريخ مصر هي نهاية حكم السادات وما أحدثته تلك الفترة من تغيرات في المجتمع فرصد السياريست والمخرج في مرارة الذين حاربوا في أكتوبر 73 وحققوا النصر وهم تور الشريف وزملاؤه في الجيش الذين يلتقي بهم تحت سفح الهرم فيجد أحدهم يعمل جرسونا والثاني هاجر إلى أوروبا بينما الذين جنوا ثمار النصر مجموع الانفتاحيين والطفيليين الذين يتخلون ـ في سبيل جمع المال ـ عن كل القيم والمبادئ حتى روابط الدم والاخوة ويرفضون مساعدة والدهم في إنقاذ ورشته .
وفي الفيلم الجديد ( ليلة ساخنة ) تعود نفس المجموعة القديمة عاطف الطيب وبسير الديك ومعهم د. رفيق الصبان ونور الشريف ليقدموا شهادتهم على عصرنا في عام 94 من خلال قصة سائق تاكسي يتحلى بكل صفات الإنسان المصري من طيبة وشهامة تمرض حماته فيصحبها للمستشفى للعلاج فيطلب منه 500 جنيه لإجراء جراحة عاجلة لها ولبلبة عاملة تنظيف الغرف في أحد فنادق القاهرة التي تحتاج إلى 500 جنيه لترميم منزلها الذي أضير من زلزال أكتوبر 92 ويخرج الاثنان في رحلة بحث كل عن مبتغاه في ليلة رأس السنة . ويلتق الاثنان ويخختلطان بالمجتمع ويكشفان الفساد القابع فيه والمتناقضات التي تصرع ولا مبالاة .. فهي تضطر إلى الموافقة على بيع جسدها مقابل المبلغ الذي تريده وترى كيف البعض ألوف الجنيهات على اللذة والمتعة بلا أدنى إحساس بالذين يتضورون جوعا حولهم ويصطدم الاثنان بأبناء يتخرجون في الجامعة ولا يجدون عملا سوى " منادي سيارات " في شارع الهرم بينما تلاميذ أخرون يعبثون فسادا بسيارتهم بحثا عن أنثى يصطادونها .. ويقع الاثنان في حيرة عندما يجدان في السيارة مبلغا كبيرا بعدما صفت إحدى العصابات الراكب الذي كان معهما ويعرفان أن المبلغ فلوس عصابات تهريب ومخدرات ومتاجرة بأحلام البسطاء في فرص السفر للخارج ويقرر هو تسليم المبلغ للبوليس وترى هي أن يحتفظا به لتحقيق أحلامهما ويصمم هو ويذهب للبوليس فيجد نفسه متهما بالقتل فتقرر هي الاحتفاظ بالبلغ لهما وعدم إبلاغ البوليس به .. والفيلم من أجمل وأنضج أعمال عاطف الطيب .. الذي عودنا على الانغماس في قلب المجتمع والتعبير عن قضاياه ومشكلاته بجرأة شديدة ولكنه هنا يسجل شهادة على عصر بلغة سينمائية بالغة الرقي وتخلص فيها من التطويل والتكرار الذي شاب فيلمه ( سواق الأتوبيس ) السيناريو محكم لاهث الإيقاع ساعده المونتاج الرائع ونور الشريف ولبلبة في قمة نضجها الفني .. فكانت بحق ليلة ساخنة حرقت قلبي على بلدي .. وتلك مهمة الفن الجيد الجميل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق