Translate

الجمعة، 15 أبريل 2011

عبد الله محمود


عبدالله محمود

كتب صلاح جاهين يصف القمح فقال ..
القمح زي الفلاحين
عيدان ناحلة
وجدرها بياكل في طين
زي إسماعيل ومحمدين وعبدالله محمود زي اسماعيل ومحمدين طويل .. نحيل .. أسمر كأي فلاح مصري صميم لذلك كانت أهم أدواره التي لعبها هي أدوار الفلاحين .. السعدي في (الطوق والأسورة) الحسيني في (عصفور النار) .. محمد السيد في (طالع النخل) .. مصري في (المواطن مصري).
يصف عبدالله نفسه بأنه محظوظ فلم يكن يحلم يوماً بأن يكون ممثلاً وأن يراه ملايين الناس من خلال شاشات التليفزيون والسينما وكان غاية مناه أن يستحسن مدرس الموسيقى في مدرسة النهضة الإعدادية بشبرا عزفه على الأكورديون في فريق موسيقى المدرسة الذي كان يضم معه محسن محي الدين وأحمد سلامة ولكن في أحد الأيام شاهد صديقه وزميله محسن على شاشة التليفزيون ففي أحد برامج الأطفال فسأله كيف فعلها وعرف منه أن شقيقه الأكبر مهندس ديكور بالتليفزيون ويستطيع أن يأخذهم جميعاً يوم الجمعة ليلتقوا بالمخرجة إنعام الجريتلي وربما ضمتهم للبرنامج مع زميلهم محسن وبالفعل رحبت بهم المخرجة ولكن اشترطت عليهم قبل ظهورهم في برنامجها أن ينتظموا في تدريبات الموسيقى والرقص والغناء وقد كان ومن يومها أصبح الأصدقاء الثلاثة قاسماً مشتركاً في كل برامج الأطفال بالتليفزيون حتى وصلوا لمرحلة الشباب وأصبح من الصعب استمرارهم فيها ومرت فترة توقف لم تدم طويلاً فقد استدعاه المخرج فخر الدين صلاح ليلعب دوراً في سهرة تليفزيونية ثم توالت الأعمال معه مسلسل (البوسطجي) (سلمى) (الأبرياء) (أبواب المدينة) جزأين وعن هذه الفترة أيضاً يقول عبدالله محمود استدعانا يوسف شاهين إلى مكتبه أنا ومحسن محي الدين وأحمد سلامه ووزع علينا سيناريو فيلم (إسكندرية ليه) وكان فيه ثلاثة أدوار لثلاث أصدقاء وطلب منا أن نتبادل الأدوار بحيث يمثل كل منا الأدوار الثلاثة حتى استقر على توزيع الأدوار وكان دوري أ. بغر الأدوار وبعدها بسنوات استدعانا مرة أخرى لنمثل في فيلمه (حدوتة مصرية) ورغم قصر أدواري مع يوسف شاهين فقد كانت تجربة غنية جداً لأنني تعلمت منها كل ما أعرفه عن فن التمثيل للسينما وكل أساسياته .



لغة العيون وعمر الشريف
علمنا يوسف شاهين إن مدارس التمثيل الحديثة تقول : إن أهم منطقة عندا لممثل هي العين فهي أسهل وأبسط وأقصر وأكبر وسيلة للتعبير كيف ؟ أقول لك : عندما يفكر العقل في الحالة الشعورية التي  تعيشها في لحظة معينة حب .. كره قلق .. فرح فالعين هي أول ما يظهر عليه هذا الإحساس وقبل أن تنطق بأي كلمة وقبل أن تبدي أي حركة افتعالية والممثل الجيد هو الذي يستطيع أن ينقل لك الإحساس بعينيه فقط ودون أي شيء آخر .. مجرد عينيه .
وعندما كنت أعمل في فيلم " المواطن مصري " مع الفنان المصري العالمي عمر الشريف انفرد بي مرة ، وقال لي : سأقول لك شيئاً وأرجو ألا تسيء فهمي ، فأنت تعاني من عيب في عيونك فأنت لا تعرف كيف تجفف دموعك فتبدو دائماً في صورة المسكين والمستضعف فقلت هذا صحيح فعيوني تلمح بالدموع في مواقف يجب ألا تدمع فيها عيني ولكني لا أعرف كيف أتخلص من هذا العيب فقال لي عمر الشريف : أنا نفسي كنت أعاني من هذا السبب ولفت نظري له حلمي رفلة والتخلص منه يحتاج منك بعض التمرين فتصبح المسألة بالنسبة لك ميزة وليست عيباً فأحمد زكي يعاني من هذه المسألة ولكنه يعرف كيف يوظفها في أدائه ومتى يجففها ؟ وكان التدريب للتخلص من ظاهرة لمعان عيوني بالدموع هو أن أجلس أمام المرآة وأندمج في مونولوج مأساوي يتطلب ا لبكاء وفي نفس الوقت أتحكم في وجداني وعقلي وأمنع عيني من الإدماع وبعد تدريبات شاقة استطعت أن أتحكم في المسألة .
اللعب مع الكبار
التمثيل أمام العمالقة فرصة كبيرة للتعلم والنهل من منابعهم الثرية .. أذكر وأنا في بداياتي وكنت أقف أمام العملاق الراحل محمود المليجي ، وكان المشهد لي أنا أواجه الكاميرا وهو يعطيها ظهره وأنا مندمج في حواري وهو معايش للدور بكل ذرات كيانه وتلاقت عيوني بعيونه ، ووجدتني أنسى كلمات الحوار أتوه كمن نوموه مغناطيسياً وتكررت المسألة مع كل مرة نعيد فيها المشهد وأخيراً احتضنني وطلب مني ألا أركز في عينيه .
عندما وقفت أمام محمود مرسي في " عصفور النار " كنت أخاف جداً وأرتعش من المشاهد التي تجمعنا معاً ، فالأستاذ محمود يعيش الدور ولا يحفظه فيقول ا لكلمات بمعناها وليس حرفياً كما هي مكتوبة في السيناريو فكنت أقف أمامه مشدوداً حتى لا تضيع مني كلمات المفتاح التي أتكلم بعدها .
أما الفنان الكبير عادل إمام فقد كان له معي موقف نبيل لا يصدر إلا من فنان كبير كانت معرفتي به لا تتعدى يوم تصوير واحد صورته أمامه في فيلم " الحريف " ويومها لم يدر بيننا أي حوار سوى حوار الفيلم وبعد سنوات طويلة استدعوني لأوقع عقداً لدور في أحد أفلامه  وهو " حنفي الأبهة " ووقعت العقد ، وذهبت إلى الإسكندرية لأعرض مسرحية كنت مشتركاً فيها ، وبدأ تصوير الفيلم وأنا في الإسكندرية فوجئ عادل إمام بزميل غيري وسأل عن دوره وقال : ألم يأخذ ع بدالله محمود هذا الدور فقالوا له ولكنه في الإسكندرية الآن فقال وهل اعتذر عن الدور قالوا لا قال لهم أرسلوا له فإذا اعتذر رشحوا بديلاً عنه وإذا لم يعتذر فالدور دوره واعتذر لزميلي بأن الدور متعاقد عليه ممثل آخر وبعدها استدعاني لألعب أحد الأدوار في فيلم " شمس الزناتي " وفوجئت بالنجم الكبير يثني على مشاهدي وعلى مشاهد محمود حميدة وفهمت وقتها لماذا هو فنان كبير لأنه يحرص دائماً على أن يكون كل من حوله كبار ويعطيهم الفرصة ويملؤهم بالثقة ليكونوا كذلك .
طارق سعدالدين




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق