Translate

السبت، 23 أبريل 2011

قضية الانتاج السينمائى المشترك


قضية الانتاج المشترك
وحكاية القناة الفرنسية السابعة

مازالت ظاهرة الانتاج المشترك للافلام العربية تثير الكثير من التساؤلات نتيجة لما تثيره افلامها من قضايا .. وأخرها فيلم يوسف شاهين ( المهاجر ) الذي اختلفت حوله أراء النقاد والمثقفين حتى الذين لم يعرف عنهم الاهتمام الخاص بالسينما.. وكانت فرصة خلال مهرجان القاهرة السينمائي أن دعي مسيو ( جيروم كيمو ) رئيس القناة السابعة الفرنسية التي شاركت في تمويل الكثير من الأفلام السينمائية في مصر وفي دول المغرب العربي خاصة تلك التي أثير حولها الجدل والنقاش .
في البداية قدم يوسف شريف رزق الله مسيو جيروم بأنه سبق له العمل كمستشار ثقافي للسفارة الفرنسية في القاهرة بين عامي 80 ـ 81 ثم عمل رئيسا لمعهد الفيلم في باريس ثم رئيسا للقناة الفرنسية   السابعة .. ثم تحدث (مسيو جيروم ) وقال إنه جاء إلى القاهرة لتأكيد موقفه في القوف إلى جانب الإبداع والمبدعين بعد محاولة إغتيال الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ وقال إن القناة الفرنسية السابعة هي قناة ثقافية ميزانيتها مليار و 700 ألف فرنك سنويا وهي تهتم بين أنشطتها بتمويل الأفلام السينمائية في الدول التي لاتملك امكانيات التمويل السينمائي كفيتنام ودول شمال افريقيا وغيرها من الدول .. والقناة السابعة بتمويل هذه الأعمال لاتهدف إلى " التفريق بين الجماعات والشعوب " ونحن نمول في كل عام حوالي 20 فيلما .. والقناة الفرنسية السابعة بدأت فرنسية خالصة ثم انضمت إليها ألمانيا وهولندا وبلجيكا ويجري الآن الإتفاق على انضمام دول أوروبية أخرى . أي إنها قناة ذات صبغة أوروبية .. وهي تشاهد في كل من فرنسا وألمانيا أما باقي الدول فتشاهدها عن طريق الكابلات والستالايت ..
وسئل مستر كليمو عن الشروط الواجب توافرها في الفيلم حتى تنتجه القناة وهل من الضروري أن تتعرض تلك الأفلام إلى جوانب سلبية في مجتماعتها ؟ وسئل كذلك عن طبيعة مشاركة الجانب الفرنسي في عمليات التنفيذ نفسها .. فقال :
ـ القناة السابعة لاتمول الأفلام بنسبة 100% ولكنها تمول نسبة تتراوح ما بين 10% ـ 30% فقط من تكاليف الإنتاج ولكن مجرد دخول القناة كسريك في الإنتاج يعني ضمان مشاركة جهات أخرى في تمويل الفيلم .. وبالنسبة لشروطنا فهي لاتتعدى أن يكون السيناريو جيدا ، فلدينا رجال للقراءة يعرض عليها سنويا حوالي 500 سيناريو تختار منها حوالي العشرين فقط مع ضرورة أن نثق أن لدى المخرج الإمكانات الحساسة اللازمة لتنفيذ الموضوع ... وأؤكد أن المخرجين هم الذين يختارون موضوعاتهم ومن الطبيعي أن يكون فيها بعض سلبيات مجتمعاتهم .. أما عن مشاكتنا في عمليات تنفيذ الفيلم نفسه فهي لاتتعدى وجود منتج فرنسي لأن الأموال المستثمرة أموال عامة ويجب الحفاظ عليها لأن المنتج الفرنسي على دراية بعمليات التوزيع داخل فرنسا مما يساعد في تسويق الفيلم بعد ذلك .
وسئل عما إذا كانت هناك مشاريع لأفلام مصرية وافقت القناة الفرنسية على إنتاجها فقال :
ـ بالفعل وافقنا على إنتاج سيناريو ليسري نصر الله اسمه ( الحجاب !! ) وإلى هذا انتهى كلام مسيو جيروم كليمو الذي يثير بدوره العديد من التساؤلات ويحتاج إلى أكثر من تعليق .
وللحديث بقية






الإنتاج المشترك .. وعقدة العالمية
عند بعض الخرجين

في حديثه عن الأفلام التي تنتجها القناة الفرنسية السابعة والذي عرضنا له بالتفصيل فيالعدد السابق قال مسيو " جيروم كليمو " رئيس القناة أننا لانقصد بها أبدا التفريق بين الشعوب والجماعات ولكن الملاحظ لتلك الأفلام سواء التي أنتجت في مصر أو شمال أفريقيا كالجزائر وتونس يجد أنها أثارت الخلاف حول الكثير من القضايا الجوهرية في مجتمعاتها بداية من التعريض بالأديان وحتى صدمة المجتمع بنماذج وأنماط غريبة من البشر كالشواذ الذين يتباهون بشذوذهم وكأنه شئ عادي في مجتمعاتنا وإنتهاء بإزدراء مجتمعاتهم نفسها ووصمها بالتخلف والتطاول على كل مقدساتها ورموزها وقادتها التاريخيين ويصبح الحل الوحيد للنجاة هو إما الفرار من تلك المجتمعات أو الإرتباط برموز الإستعمار القديم بل واليهود في أحيان كثيرة والنمتذج كثيرة في أفلام الإنتاج المشترك وسنعرض لها بالتفصيل .. والملاحظ هنا أن المخرجين لا يتوجهون إلى جمهور بلادهم بقدر ما يتجهون إلى الجمهور الأوروبي الممول لتلك الأفلام لذلك فهو يقدم لهم الصورة الكلاسيكية التي يرون بها تلك المجتمعات بل أن بعضهم يغالي في أحيان كثيرة ويتمادى في التشويه والتزوير والتطرف أملا وطمعا في تقدير أوروبي لعمله من خلال جوائز المهرجانات عندهم .. لذلك فليس غريبا أن يكون عمل يسري نصرالله القادم بعد " مرسيدس " الذي قدم فيه السيدة المحجبة تاجرة مخدرات ، إلى جانب إسرافه في استخدام مشاهد إحتفال المسلمين بعيد الأضحى مقرونة بمشاهد العنف والذبح ثم الخراب الشامل في نهاية الفيلم غير بطل فيلمه " الذي جسده الممثل مجدي كامل " الشاذ السعيد بشذوذه وتمجيد الفيلم لعلاقته بعشيقة ولايدينها من قريب أو بعيد وكأن الشذوذ سلوك طبيعي وعادي ومحترم في مجتمعنا كما هو حاصل في أوروبا ومنها فرنسا بالطبع حيث يدعون إلى عدم اضطهاد الشواذ لمجرد أنهم شواذ .. لذلك ليس غريبا أن يكون مشروع الفيلم الثاني ليسري نصرالله عن " الحجاب " بما أثرته قضيته في فرنسا منذ أصدر وزير التعليم هناك قرارا بمنع دخول الطالبات المسلمات إلى المدارس الفرنسية وهن يرتدينه وهي القضية التي وصلت إلى أعلى درجات القضاء هناك . وليس غريبا أيضا أن يكون الفيلم الثاني للمخرج " خالد الحجر " صاحب " أحلام صغيرة " الذي أدان فيه الحقبة الناصرية ولم ير فيها سوى تحطيم أماله وفقدانه لحياته وفقدان أمه في الفيلم " مرفت أمين " لشرفها ليس غريبا أن يكون بطلا لفيلمه الثاني وهو انتاج ألماني ويلعب دور شاب يهودي يقع في غرام فتاة عربية ..
وأن أتكلم عن أفلام يوسف شاهين بداية من " وداعا بونابرت " و " القاهرة منورة بأهلها " وأخيرا فيلمه " المهاجر " فالملاحظ لكل أفلام الانتاج الأوروبي المشترك لن يجد فيها فيلما واحدا معبرا عن بلده أو أمته وشعبه وكلها معبرة فقط عن مخرجيها أصحاب الأراء الخاصة جدا في أنفسهم وفي بلادهم وأديانهم ففيلم " الصورة الأخيرة " للمخرج الجزائري محمد الأخضر حامينا لايجد البطل الذي يمثل المخرج نفسه من يستحق الحب والتقدير والحنان سوى المدرسة اليهودية التي تعيش في الجزائر وتتعرض للإضطهاد هناك .. أما التونسي بوزيد في فيلمه " ريح السد " فيقدم البطل الشاذ أيضا الذي لايجد السلام والحب إلا عند شخصية اليهودي في الفيلم والقوادة في الفيلم تعلق الآيات القرآنية على صدرها والاغتصاب يتم تحت عبارة " بسم الله الرحمن الرحيم " أما في فيلم " برناس " فيقدم الشاب التونسي الذين يبيعون كل شئ حتى أجسادهم في مقابل المال . وفي الفيلم مشهد الفتاة المحجبة التي تذهب للسباحة في البحر فتخلع ملابسها وتقف بالمايوه وهي ترتدي الحجاب في سخرية شديدة وغير هذه الأفلام كثير .
وبعهد فقضية الانتاج المشترك ليست قضية الجهات التي تمول أعمالا تكرس مفاهيم وأفكارا نافعة لهابقدر ما هي قضية هؤلاء الذين يختارون موضوعات بعينها حتى يفوزوا بفرص عمل أفلام يضمنون بها الحظوة والشهرة لدى المجتمعات الغربية بصاحفتها ومهرجانات ولو جاء ذلك على حساب بلادهم وشعوبهم .
والباب مفتوح أمام أصحاب الأراء في القضية .









الإنتاج المشترك ولعبة الأمم
بين أمريكا وأوروبا ومصر

في ندوة تكريمه خلال مهرجان القاهرة السينمائي الماضي تحدث المخرج الأسباني الكبير " خوسيه لويس جاسيا " عن أزمة السينما في أسبانيا وقال إن الأزمة في السينما الأسبانية جزء من أزمة السينما في أوروبا عموما فالسينما الأوروبية تموت بسبب المنافسة الشديدة من السينما الأمريكية فالثانية قادرة دائما على الوصول لدور العرض هناك في أحسن أوقات العرض إلى جانب جماهيريتها العريضة وجماهيرية نجومها بين الشعوب الأوروبية .
واعترف " خوسيه " بأنه لايوجد فيلم أسباني واحد يستطيع الصمود أمام الأفلام الأمريكية في أسبانيا وقال إن أكبر فيلم تم إنتاجه في تاريخ السينما الأسبانية كان من إنتاج ستديو والت ديزني الأمريكي وهو فيلم الرسوم المتحركة " الملك الأسد " وقال خوسيه إننا يجب أن نعترف بأن الأمريكيين هم الذين إخترعوا صناعة السينما وليس الأخوة لوميير .
واليوم وبعد 100 عام على ميلاد تلك الصناعة أصبح للأمريكيين أكثر من 100 فيلم في كل مجال من مجالات السينما كالكوميديا والتراجيديا والرومانسية والاستعراضية هي كلاسيكيات هذا المجال لكن يجب ألا يدفعنا هذا لليأس من التصدي لها لأن عدم التصدي سيعني أننا نريد لشعوبنا أن تعيش الحياة الأمريكية بقيمها ومفاهيمها وسلوكياتها وسيعني أيضا أننا نتخلى طواعية عن هويتنا الوطنية أمام هذا الغزو الأمريكي والكلام لم يكن لي وحدي ولكنه كان صوت أوروبا كلها ، ومنذ عام واحد فقط بدأت سلسلة اجتماعات بين المهتمين بصناعة السينما في أوروبا لوضع تصورات لمواجهة السيطرة الأمريكية على العالم وأوصى المجتمعون بضرورة زيادة الإنتاج المشترك بين الدول وبعضها وبين صناعة السينما وتلفزيوناتهم المحلية مع ضرورة زيادة الدعم الحكومي لصناعة السينما في البلدان الأوروبية حتى لاتختفي وتندثر وتختفي معها الهوية الوطنية لشعوبها .
وقارنت كلام خوسيه جارسيا عن حال السينما الأسبانية بحال السينما في مصر وحمدت الله لأننا لانخشى من فقد هويتنا بإندثار صناعة السينما المصرية لأن السينما المصرية في أغلب إنتاجها كانت غير معبرة عن شعبها وأهلها ، ولكنها كانت معبرة عن طلبات ورغبات الموزع اللبناني أو الخليجي بداية من الموضوع وحتى إختيار البطلات والأبطال بغض النظر عن ملاءمتهم للدور أو حتى لدى شعبيتهم وجماهيؤيتهم في بلدهم مادام الموزع هو الذي يريد وبعد أن أغلقت بعض الدول الخليجية أمام أفلامنا تعرضت السينما للشلل وللتوقف إلا من محاولات جريئة لبعض محبي الفن وعشاقه من الكتاب والمخرجين والمنتجين .. والحل هنا لن يأتي إلا بتدخل التلفزيون بتمويل مشروعات الأفلام السينمائية أو المساهمة في تمويلها لإيجاد سينما مصرية حقيقية معبرة عن أهلها وشعبها وتحقق أهدافها الفنية والاجتماعية والسياسية .








باى باى للمدفع والبندقية ..
أهلا بالفيلم والأغنية !!

كنت أنوي أن أتوقف عن الكتابة في موضوع الانتاج المشترك وما تفرع عنه من موضوعات أخرى حتى قرأت الأربعاء الماضي مقالة الأستاذ " أحمد بهجت " في عموده صندوق الدنيا بجريدة الأهرام بعنوان " الاحتلال الروحي " وتعرض فيها لهذا التعبير الجديد الذي استخدمه فلاسفة الغرب ومنهم الفرنسي المسلم رجاء جارودي الذي قال وهويتحدث عن أمريكا " قد يكون من الغباء التفكير في إمكانية إسقاط النظام الأمريكي بالسلاح ولكن مقاطعة عدد من المنتجات الأمريكية قد تكون موقفا حاسما .. إن أفلامهم ومعظمها يمثل العنف وسيطرة الرجل القوي تمثل 70 % من السوق الفرنسية في حين أن الفيلم الفرنسي لايحتل سوى نصف بالمئة في الولايات المتحدة الأمريكية إننا نواجه احتلالا خطيرا هو " الاحتلال الروحي ".
وفي حوار لي أجريته مع رجاء جارودي أثناء زيارته الأخيرة لمصر في إبريل العام الماضي ونشر بمجلة الكواكب قال جارودي عن نفس الموضوع :
" أنا أعتقد أن هوليوود مسئولة عن تدمير السينما الأوروبية خاصة الايطالية والفرنسية والألمانية ولكي أوضح تأثير السينما الأمريكية على الفن وعلى أوروبا عموما سأضرب مثلا بمحطات التلفزيون فمن بين 250 ألف ساعة إرسال تبثها 12 محطة أوروبية هناك 25 ألف ساعة فقط من إنتاج أوروبا إلى جانب سيطرة الأفلام الأمريكية على دور العرض الفرنسية . يصبح هذا الاختراق الأمريكي الشديد سببا في تدمير وإنهاء الحضارة الأوروبية خاصة إذا وضعنا في الاعتبار موضوعات معظم الأفلام التي تقدم صورة رهيبة للحياة لايتحكم فيها إلا المسدس كما في أفلام الغرب الأمريكي والعنصرية ضد الهنود وحتى المسلسلات الأمريكية الطويلة مثل " دالاس " تؤكد معنى أن المال هو كل شئ في الحياة فهل المال هو العنصر الوحيد الذي يحكم الحياة " .
وأعود إلى مقالة الأستاذ أحمد بهجت التي يفسر فيها معنى الاحتلال الروحي بقوله " ان الاحتلال العسكري لأرض العدو أصبح ينتمي إلى متاحف التاريخ وأيسر منه وأفضل احتلال أرواح الناس والتسلل إلى عقولهم وإقناعهم أن أسلوب حياتك هو الاسلوب الأمثل وأن أي إنسان يريد أن يرتقي عليه أن يمسك بثيابك ويمشي وراءك معجبا مبهورا مهزوما من الداخل دون أن يعرف أنه مهزوم .
فإذا كان سلاح الحرب القديم هو البندقية فسلاح الحرب اليوم صار الكتاب والفيلم والأغنية وأسلوب الحياة .. فالثقافة هوية للانسان والفن والآداب طابع وأسلوب فإذا ذاب الطابع والاسلوب وتم احتلال الهوية صار الإنسان مهزوما سعيدا راضيا لا يفكر في المقاومة أو الافلات .
ولعل كلام الأستاذ أحمد بهجت ومن قبله كلام المفكر والفليسوف رجاء جارودي هو نفس مادعا إليه المخرج الأسباني الكبير لويس جارسيا في ندوة تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي والذي عرضت في الأسبوع الماضي فالشعوب الأوروبية تخاف من ذوبان حضارتها أمام الغزو الأمريكي وفي نفس الوقت تحاول إذابة الحضارات الأخرى حولها خاصة القديمة التى كان لها شأنها فى يوم من الايام كالحضارة العربية الإسلاميه باستخدام اسلحة الفن والثقافة ومد جسور التعاون معها بتمويل بعض الأنشطة كالسينما مثلا كذلك ليس غريبا أن يحاول بعض اليهود شراء أصول السينما المصرية من إستديوهات ومعامل ليمكنهم صياغة ما يريدون من أفكار ومفاهيم فى أعمال ناطقة بلساننا فالصراع بيننا وبينهم كما قال الأستاذ أحمد بهاء الدين ـ شفاه الله ـ صراع حضارات . وربما يكون قد آن الأوان لنفكر جديا فيما يفعله بنا أعداء الماضى وأصدقاء اليوم من الاستعمار القديم والجديد وما يجب علينا أن نفعله لنكون على مستوى عصرنا ومستوى أعدقائنا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق